آليات انتقال السلطة في الكويت في ظل الدستور

الأبحاث المنشورة

عدد القراءات: 13143


ورقة مقدمة

 في إطارندوة اآليات انتقال السلطة في الكويت في ظل الدستور في إطار

" ملتقى جابر الخير "

المنظم في الاردن ،عمان ، في الفترة من 20 – 22 مارس

آليات انتقال السلطة في الكويت في ظل الدستور

      انتقال السلطة داخل الجماعة السياسية أمر تحتمه سنة الحياة وتهتم به الدراسات السياسية والدستورية .وعملية انتقال السلطة قد تكون خاضعة لقواعد قانونية تحكمها وقد لاتوجد هذه القواعد ، كما أن وجو] القواعد القانونية قد يقترن بتفعيلها واحترامها وقد يتم الأمر على خلاف ذلك .ولعل اسلوب انتقال السلطة من حيث وجود القواعد واحترامها يصلح مؤشرا على درجة تقدم الجماعة ، فكلما كان انتقال السلطة محكوماً بقواعد قانونية ترتضيها الجماعة وتلتزم بها كلما كنا امام جماعة منظمة ومستقرة سياسياً فالعلاقة بين الامرين طردية.واذا انتقلنا الى الحالة الكويتية فإننا نلاحظ بأن آليات انتقال السلطة مقررة في النظام القانوني الكويتي ،وقد واجهت هذه الآليات امتحان التطبيق أكثر من مرة ، وكان الاختبار يسيراً في بعض المرات ولم يكن كذلك في مرات أخرى

ومن المنطقي ان نعرض لآليات انتقال السلطة كما قررتها القواعد الدستورية في الكويت اولاً ثم نعرض لواقع تطبيق هذه الآليات من بعد ذلك .وقبل عرض الموضوع نود الوقوف عند مسأله ضبط المصطلح ، فتعبير السلطة يمكن حملة على اوجه عدة عندما نتكلم عن الجماعة السياسية المنظمة (الدولة تحديداً)

وفي موضوعنا نتعامل معه من زاوية رئاسة الدولة ،وعلى كل حال فإن الموضوع من هذه الزاوية لفت نظر المراقبين داخل الكويت وخارجها ، وقدمت الكويت مؤخراً مثالاً جيداً لعملية انتقال للسلطة محكومة بالدستور.


 

أولاً :- القواعد الحاكمة لانتقال رئاسة الدولة في الكويت .

منذ نشؤ الكيان السياسي في الكويت (1756تاريخ اختيار أول حاكم للكويت )كانت القاعدة انتقال الحكم من ارشد الى ارشد من عائلة الصباح ويكتمل الامر بعد بيعه من قبل الاهالي.وأول وثيقة دستورية مكتوبة نظمت الموضوع وتعاملت معه هي وثيقة 1921 ( ملحق رقم 1) فكانت الفقرات3،2،1،خاصة باسلوب ولاية الحكم اما الفقرات5،4 فكان موضوعها اسلوب ممارسة الحكم .وللوثيقة المذكورة اهمية يستحق التوقف عنده ملياً، في موضوع الشورى وصورتها في جزء من تاريخية عظيمة فهي تقدم صورة عن تعامل المجتمع الكويتي آنذاك مع موضوع تداول السلطة كما انها تقدم نموذجاً ، يستحق التوقف عنده ملياً، في موضوع الشورى وصورتها في جزء من جزيرة العرب عام 1921، وهي تقدم أيضاً نموذجاً للتعامل مع مبدأ فصل السلطات ، فمجلس الشورى المنتخب يدير شؤون البلاد على اساس العدل والانصاف ( الفقرة الخامسة من الميثاق ) .والى جانب ما سبق فإن للوثيقة المذكورة أثر في التنظيم القائم لموضوع ولاية العهد في الكويت ولذلك نعرض لها فهي قاعدة دستورية نظمت الموضوع ثم نعرض من بعد ذلك للتنظيم الذي أخذ به الدستور القائم .(1)

1 - وثيقة 1921 : صدرت هذه الوثيقة بمبادرة من الاهالي بعد وفاة الحاكم التاسع للكويت الشيخ سالم بن مبارك ( حكم من 1917 الى 1921 ) ويمكن ان نسجل عددا من الملاحظات في موضوع ولاية الحكم :-

أ – تقرر الفقرة الاولى من الوثيقة كهدف لها " اصلاح بيت الصباح كي لايجري بينها خلاف في تعيين الحاكم "ومع ذلك فإن الوثيقة لم تترجم هذا الطموح بوضع قواعد عامة مجردة ولكنها اكتفت بوضع قاعدة آنية خاصة بمواجهه الموقف اللاحق على وفاة الشيخ سالم الصباح .

ب – الآلية التي سارت عليها الوثيقة كانت تحديد الاهالي لعدد من المرشحين من اسرة الصباح وهم :-

-       الشيخ احمد الجابر

-       الشيخ حمد المبارك

-       الشيخ عبدالله السالم

وكان دور اسرة الصباح اختيار واحد من المرشحين ، وهذه الآلية تخالف القواعد العرفية السابقة والتي كانت تقضي بأن اسرة الصباح هي التي ترشح اسم الحاكم ثم يتأكد الامر بالبيعة من قبل الاهالي .

ج – نلاحظ بأن الوثيقة حصرت اسماء المرشحين في ذرية مبارك الصباح  (الحاكم السابع وتولى الحكم بعد اخيه محمد ، وحكم من 1896 الى 1915 )

وهي توكد في ذلك العرف الذي استقر بعد وفاة مبارك الصباح في حصر تولي الحكم في ذريته ، وقد اكد الدستور القائم هذا الحكم وجعله قاعدة مشرعة.

د – موقف واضعي الوثيقة يكشف عن نظرتهم الى موضوع الحكم فهو ليس بأمر يخص العائلة الحاكمة فقط ولكنه يخص الجماعة أيضاً ويدخل استقراره في اطار مصالحها ولذلك فهي تعتقد بأن لها دور فيه ، وقد تأثر الدستور القائم بهذا الفهم فجعل موضوع ولاية الامارة منظماً بقانون لأنه يتصل بوجود الدولة وكذلك تبنى الدستور الكويتي فكرة وجود ثلاثة مرشحين اذا لم يوافق مجلس الأمة على المرشح الأول .

2 – دستور 1962 :- وهو الدستور القائم حاليا وقد وضع باسلوب العقد ، فقام مجلس جله من المنتخبين بإعداد المشروع ( الوزراء كانوا اعضاء في المجلس التأسيسي ولكن الاغلبية فيه من المنتخبين وهم عشرون أما الوزراء من غير المنتخبين فكانوا أحد عشر عضواً وكان ثلاثة من الوزراء قد تم اختيارهم من ضمن المنتخبين ) وعرض المشروع بعد اقراره من المجلس التأسيسي على الامير (عبدالله السالم) لتتصديق عليه وقد صدق عليه دون تعديل فيه . والصيغة الاولى لمشروع الدستور تم اعدادها من قبل لجنة الدستور وهي تضم الى جانب رئيس المجلس اثنان من الاعضاء واثنان من الوزراء احدهما  الشيخ سعد العبدالله .ومن الواضح ان الشيخ سعد العبدالله لم يشارك فقط بصفته وزير الداخلية آنذاك ولكن بصفته ممثلاً للاسرة الحاكمة . وفي موضوع ولاية الامارة كان الشيخ سعد العبدالله يطالب بأن ينظم الامر بواسطة أمر اميري او بواسطة مرسوم وان يترك اختيار ولي العهد للأمير وللأسرة الحاكمة أما بقية الاعضاء فكانوا يطالبون بأن يأخذ الأمر شكل القانون أو ينظم في الدستور مباشرة وان يكون للمجلس النيابي دور مهم ، وقد تم الاحتكام بشكل غير رسمي للأمير فرحج نظر الاعضاء ووزير العدل ( في الاصل من المنتخبين ). والصورة التي أخذ بها الدستور في تنظيم الموضوع هي ان ترد المبادئ الاساية للموضوع في صلب الدستور وان ترد بقية الاحكام في قانون له قيمة الدستور فلا يعدل الا باجراءات تعديل الدستور .

ونعرض لأحكام الدستور الكويتي وقانون توارث الامارة (ملحق رقم 2 ) في المسائل التالية :-

-       الشروط الواجب توافرها في الامير

-       اجراءات تولي مسند الامارة

-       نهاية ولاية الامير

أ – الشروط الواجب توافرها في الامير :-تقرر المادة الثالثة من قانون توارث الامارة وجوب توافر الشروط المقررة لولي العهد في الامير وهذه الشروط محددة في المادة الرابعة من الدستور والمادة السادسة من قانون توارث الامارة وهي :-

- شرط النسب : ان يكون من ذرية المغفور له مبارك الصباح وهو شرط قرره الدستور في المادة الرابعة.

- شرط السن :- ان لاتقل سن ولي العهد يوم مبايعته عن ثلاثين عاماً وهو السن المشترط ايضا للوزراء واعضاء مجلس الأمة.

- العقل والرشد :- وقد ورد في الدستور وقانون توارث الامارة .

- الاسلام :- وقد ورد في الدستور أن يكون ابناً شرعياً لأبوين مسلمين واضاف قانون توارث الامارة ان يكون مسلماً

ان لايفقد القدرة الصحية على ممارسة صلاحياته : وهو شرط مقرر للأمير (م3 من قانون توارث الامارة ) ولولي العهد ( م8 من قانون توارث الامارة ) .

ونلاحظ ان شرط الجنس غير مقرر في النصوص الدستورية ويعتقد شراح القانون الدستوري الكويتي بوجوده كقاعدة عرفية ولكن التطبيق العملي لم يتح الفرصه لتاكيد او نفي هذا الأمر .

ب -  اجراءات تولي مسند الامارة :- وهذا الامر قد يتم عندما يكون هناك ولي عهد وهذه الصورة العادية وقد يتم في حالة عدم وجود ولي العهد وهنا نكون امام تعيين مباشر للأمير .

الصورة العادية :-وفق المادة الرابعة من قانون توارث الامارة اذا خلا منصب الامير ينادي بولي العهد اميراً . وتعيين ولي العهد يتم خلال سنة من تعيين الامير . وترسم المادة الرابعة من الدستور اجراءات تعيين ولي العهد :-

يزكي الامير واحدا ممن تتوافر فيهم الشروط المقررة لولي العهد ، وتتم التزكية بأمر اميري ويعرض على مجلس الأمة .

يبايع مجلس الامة من زكاه الأمير بأغلبية الاعضاء الذين يتألف المجلس منهم ، فإن لم تتوافر هذه الاغلبية يزكي الامير ثلاثة ممن تتوافر فيهم الصفات المطلوبة ويلزم على المجلس ان يختار واحدا منهم بذات الاغلبية .

بعد الاجراءات السابقة يصدر امر اميري بتعيين ولي العهد .

والدستور الكويتي يقرر بأن ولي العهد ينوب عن الامير حال غيابه (رقم 61) كما يمكن للأمير ان يكلفه بالقيام ببعض صلاحياته الدستورية ( م7 من قانون توارث الامارة ).

الصورة الاستثنائية ( تعيين الامير مباشرة :- اذا خلا منصب الامير وليس هناك ولي للعهد فإن المادة الرابعة من قانون توارث الامارة تقرر قيام مجلس الوزراء بدور الامير في تعيين ولي العهد وفق الاجراءات التي سبق عرضها ، ولكن محل الإجراءات هو تعيين الأمير مباشرة ويجب أن تتخذ هذه الإجراءات خلال ثمانية أيام .

ج – نهاية ولاية الامير :- قد تنتهي ولاية الامير بالوفاة او بالتنحي فلا يلزم انسان بالاستمرار في اداء عمل لايرغب فيه كما تنتهي ولايته اذا فقد القدرة الصحية على ممارسة مهام منصبه وهو الأمر الذي عرضت له المادة الثالثة من قانون توارث الامارة . ويقرر النص السابق بأن المناط به التأكد من توافر استمرار شرطالقدرة الصحية هو مجلس الوزراء ، فإن تأكد من عدم توافر هذا الشرط في الامير فإنه يخطر مجلس الأمة فوراً والمجلس ينظر في الحال في الموضوع في جلسة خاصة ، فأن تأكد من الامر فإنه يقرر اما انتقال الصلاجيات بصفة مؤقته اذا كان العارض يرجى زواله او يقرر انتقال الصلاحيات بشكل دائم لولي العهد ان كان العارض لايرجى زواله ، وقرار المجلس بنقل الصلاحيات يصدر بأغلبية ثلثي اعضاء مجلس الأمة . والمادة الثامنة من قانون توارث الامارة تقرر احكاماً مثيلة بالنسبة لولى العهد ولكن امر تقرير عدم توافر القدرة من اختصاص الامير ابتدأ ويحيله لمجلس الوزراء الذي يحيله لمجلس الأمة والاغلبية المطلوبة لإتخاذ قرار عدم توافر القدرة الصحية هي اغلبية الاعضاء الذين يتألف المجلس منهم

الصورة الاستثنائية ( تعيين الامير مباشرة :- اذا خلا منصب الامير وليس هناك ولي للعهد فإن المادة الرابعة من قانون توارث الامارة تقرر قيام مجلس الوزراء بدور الامير في تعيين ولي العهد وفق الاجراءات التي سبق عرضها ، ولكن محل الإجراءات هو تعيين الأمير مباشرة ويجب أن تتخذ هذه الإجراءات خلال ثمانية أيام .

 

ثانياً: واقع تطبيق أحكام إنتقال رئاسة الدولة في الكويت .

منذ دخول الدستور الكويتي وقانون توارث الإمارة حيز التنفيذ تم تفعيل عملية إنتقال رئاسة الدولة أربعة مرات، في ثلاث حالات نودي بولي العهد أميراً (الشيخ صباح السالم‘ الشيخ جابر الأحمد، الشيخ سعد العبدالله) وفي الحالة الرابعة تم تعيين الأمير بشكل مباشر (الشيخ صباح الأحمد) . فتمت عملية المبايعة للأمير مباشرة من قبل مجلس الأمة، إذ خلا منصب الإمارة دون أن يكون هناك ولي للعهد، وهي الحالة التي نظمتها المادة الرابعة من قانون توارث الإمارة، كما أن مجلس الأمة ناقش طلباً مقدماً من مجلس الوزراء بفحص الحالة الصحيحة للأمير وفق حكم المادة الثالثة من قانون توارث الإمارة .

والواقعة السابقة (تفعيل المادة الثالثة من قانون توارث الإمارة) إرتبطت بأحداث خطيرة ومؤثرة وهي:-

وفاة المغفور له الشيخ جابر الأحمد والمناداة بولي عهده الشيخ سعد العبدالله أميراً للبلاد بتاريخ 15/1/2006، وكانت المناداة ببيان صادر عن مجلس الوزراء .

بعد المناداة بالشيخ سعد العبدالله ظهرت تصريحات تطالب بتيسير أداء القسم المنصوص عليه في المادة 6. من الدستور بسبب الحالة الصحية للشيخ سعد العبدالله .

صدر قرار عن مجلس الأمة يوم 24/1/2006، بتقرير عدم توافر القدرة الصحية لدى الشيخ سعد العبدالله وترتب على هذا القرار تنحيته، وقد صدر القرار بموافقة جميع أعضاء مجلس الأمة .

بخلو مسند الإمارة وعدم وجود ولي عهد، خاطب مجلس الوزراء مجلس الأمة وأبلغه بتزكيه الشيخ صباح الأحمد أميراً وفق أحكام المادة الرابعة من قانون توارث الإمارة، وقد أقر مجلس الأمة تزكية الشيخ صباح الأحمد أميراً بإجماع أعضائه وأدى سموه القسم أمام مجلس الأمة بذات اليوم في جلسه خاصة بتاريخ 29/1/2006 .

والأحداث السابقة كشفت عن بعض التساؤلات بالنسبة لتطبيق قانون توارث الإمارة، كما أكدت على أهمية تطبيق أحكام الدستور كسبيل للخروج من الأزمة بشكل سلس وآمن .

1       - تساؤلات حول تطبيق النصوص الدستورية ذات الصلة:-

يقررالدستور في المادة 6. وجوب أداء الأمير لقسم محدد بالنص قبل ممارسة الأمير لصلاحياته الدستورية، فهل يعني هذا النص أن الأمير لا يمارس أي إختصاص قبل أداء القسم ؟

وتقرر المادة الثالثة من قانون توارث الإمارة أنه في حال تقرير عدم توافر القدرة الصحية للأمير فإن الإختصاصات تنتقل بشكل مؤقت أو دائم لولي العهد فإن لم يكن هناك ولي للعهد فهل يمكن تقرير عدم توافر القدرة الصحية للأمير؟

أ. المادة 6. من الدستور: وضوح النص لا يسمح بالاجتهاد فلا يستطيع الأمير ممارسة إختصاصاته الدستورية إلا بعد أداء القسم ، باستثناء حالة الضرورة التي أشارت لها المذكرة التفسيرية للدستور. ولم تكن حالة الضرورة هذه مطروحة ، ومثالها حدوث أمر طاريء يوجب إعلان الأحكام العرفية مثلاُ وليس هناك وقت لاجتماع أعضاء مجلس الأمة كي يؤدي الأمير القسم، في مثل هذه الحالة يجوز أن يصدق الأمير على مرسوم الأحكام العرفية قبل أداء القسم، ولكن مثل هذا الوضع لم يكن مطروحاً في الظرف المصاحب للمناداة بولي العهد أميراً .

وفي هذا الصدد نلاحظ بأن طلب الأمر بتحديد جلسة لأداء القسم لا يدخل في إطار صلاحياته الدستورية لأنه واجب عليه ومادام أداء القسم واجب في مواجهة الأمير فإن سبيل أداء الواجب يغدو واجباً . إذاً أداء القسم من الواجبات الدستورية وليس من الصلاحيات الدستورية ولا يمكن ممارسة الصلاحيات قبل تحقق الواجبات .

ب. المادة الثالثة من قانون توارث الإمارة :-

ورود حكمين في ذات المادة خلق عند البعض إعتقاد بارتباطهما بشكل لايقبل التجزئة والحال ليس كذلك . فالمادة تقرر أسلوب فحص القدرة الصحية ونتائجها تقرير عدم توافرها، والنتائج هي:

- عدم إمكان ممارسة الأمير لإختصاصاته بشكل مؤقت أو دائم .

- إنتقال الإختصاصات بشكل مؤقت أو دائم لولي العهد .

فإن لم يكن هناك ولي للعهد فإننا نكون أمام حالة عدم إمكان ممارسة الأمير للإختصاصات وهو يعني خلو مسند الإمارة ممن يمارس الإختصاصات وهذا يقود لتطبيق المادة الرابعة مباشرة .

1 - تأكيد أهمية تطبيق الدستور كأسلوب لمواجهة الموقف:- تباين المصالح في أية جماعة بشرية أمر طبيعي ويدخل فيما استنه الله لخلقه، والتنازع نتيجة تباين المصالح أمر منطقي ولا يؤدي إلى إخلال بالسلام الإجتماعي والإستقرار، مادامت هناك قواعد تؤدي إلى حسم إختلاف المصالح بشكل سلمي .

ووجود القواعد التي يحتكم لها أصحاب المصالح المتباينة هو الذي يضمن للجماعة استقرارها، وقواعد الدستور الكويتي قد قامت بهذا الدور بشكل إيجابي.

ونلاحظ في هذا الصدد أن التوجه في بعض مراحل الأزمة  كان لإيجاد حل سياسي لموضوع إنتقال رئاسة الدولة وهو حل كان يهدف للخروج من الأزمة دون الإضطرار لتطبيق النصوص بشكل جدي مع ما يترتب على هذا التطبيق من احتقان متوقع لدى بعض الاطراف ، وبهذا المعنى كان من الممكن اعتبار الحل السياسي أمراً محموداً، ولكننا نعتقد أن هذا الحل لم يكن في الإمكان إقتراحه أو القبول به في غياب القواعد الدستورية التي تضمنت الحل القانوني لمختلف الفرضيات . إذاً أثبتت التجربة الأخيرة أمرين وهما أن من وضع الدستور الكويتي قد وفق إلى حد كبير عندما عالج بشجاعة كثير من الفرضيات المرتبطة بعملية إنتقال رئاسة الدولة، كما أن الالتزام بأحكام الدستور يشكل خياراً جيداً للتعامل مع الأزمات السياسية وتبقى تكلفته اقل بكثير من أي حل آخر.

 د.محمد الفيلي

كلية الحقوق-جامعة الكويت

 

الهوامش:

1) نلاحظ أن دستور 1938 لم يعرض لموضوع ولاية الحكم بل كان موضوعه الأساسي أسلوب ممارسة الحكم كما أن هذا الدستور قد أتى موجزاً جداً وهو مايبرر إغفاله لموضوع واعتماده على القواعد العرفية الحاكمة للموضوع . أما مشروع دستور 1938 الذي أعده مجلس الأمة التشريعي وقد تضمن تنظيماً لموضوع ولاية العهد فلم يقرر الأمير . والدستور المؤقت الصادر بتاريخ 6/1/1962 لم يعالج الموضوع تاركاً تنظيم أسلوب ولاية الحكم للدستور القائم الصادر بتاريخ 11/11/1962 .