الفيلي: «الدستورية» قررت مشاركتها مجلس الأمة في الرقابة على مراسيم الضرورة
الأبحاث المنشورة
عدد القراءات:
3115
في دراسة خص بها الجريدة• عن آثار حكم عدم دستورية لجنة الانتخابات
أكد الخبير الدستوري أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بجامعة الكويت د. محمد الفيلي أن حكم المحكمة الدستورية بسلامة مرسوم الصوت الواحد يأتي وفق اعتبار المحكمة أن تعديل المادة الثانية من قانون الدوائر الانتخابية عبر مرسوم ضرورة اقتضته المصلحة الوطنية، وأن الحكومة لم تتمكن من عرضه على مجلس 2009، لأن أغلبية هذا المجلس رفضت الاجتماع للتصويت عليه بعد عودته بحكم من المحكمة الدستورية.
وذكر الفيلي، في دراسة خص بها «الجريدة»، بعنوان «آثار الحكم بعدم دستورية المرسوم بقانون رقم 21 لسنة 2012 بإنشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخاب وتعديل بعض أحكام قانون الانتخاب»، أن المحكمة الدستورية رأت ان مرسوم اللجنة الوطنية العليا خالف الشروط التي وردت بالمادة 71 من الدستور، وأن موضوعات هذا المرسوم لا ترقى إلى درجة وصفها بالضرورة، كما شاركت المحكمة مجلس الأمة في الرقابة على مراسيم الضرورة، وألا ينفرد المجلس بالرقابة عليها، وفي ما يلي نص الدراسة:
صدر المرسوم 241-2012 بحل مجلس الامة المنتخب عام 2009، ثم صدر المرسوم 258-2012 بدعوة الناخبين للانتخاب، وتم تعديل بعض احكام قانون الانتخاب وقانون تحديد الدوائر الانتخابية بمراسيم لها قوة القانون استنادا لأحكام المادة 71 من الدستور، وبعد اعلان نتائج الانتخاب تقدم عدد من الناخبين والمرشحين بطعون انتخابية بلغت 56 طعنا، وفي بعضها (23 طعنا) طلب الطاعنون إلغاء العملية الانتخابية كلها للاسباب التالية:
- ان مرسوم الحل باطل لصدوره عن حكومة لم تقسم امام البرلمان، وبالتالي لم تشارك في اعماله.
- ان شرط الضرورة غير متوافر في المرسوم بقانون 20-2012 المعدل لأسلوب التصويت المقرر في القانون 42-2006. وفق القانون المشار له تقسم الدولة لخمس دوائر انتخابية، كل دائرة يمثلها عشرة اعضاء، ولكل ناخب ان يختار اربعة من هؤلاء الاعضاء. عدل المرسوم بقانون هذا الاسلوب فأصبح للناخب الحق في اختيار عضو واحد فقط، وبالتالي حرم بعض المرشحين من القدرة على التنسيق بينهم في العملية الانتخابية.
- إن شرط الضرورة غير متوافر في المرسوم بقانون 21-2012 بإنشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات، والمرسوم بقانون المشار اليه اضاف بعض التعديلات لقانون الانتخاب 35-1962 فزاد قيمة التأمين الذي يقدمه المرشح من 50 الى 500 دينار، كما قرر تعديل مراكز تسجيل المرشحين لاسباب تنظيمية.
أساس قانوني
صدر حكم المحكمة في الطعن 15-2012 بتاريخ 16/6/2013، وهو واحد من الطعون الانتخابية المطالبة بإلغاء كل العملية الانتخابية لوجود العيوب المذكورة سابقا، باعتبار ان هذه العيوب تفسد الاساس القانوني للانتخاب. وبفحص المطاعن المذكورة اعلاه قررت المحكمة:
1- ان الدستور لم يحدد اسبابا للحل لكنه قرر ضمانات لعدم تكراره، وان هذه الضمانات قد تم احترامها في مرسوم الحل المشار له، وعدم مشاركة الحكومة في اعمال البرلمان لا تمنع صدور مرسوم بحله مادام السبب لم يستخدم في الحل السابق. وفي هذا الحكم ناقشت المحكمة ايضا منطقية مرسوم الحل عند تقريرها ان عدم انعقاد البرلمان يعطل الديمقراطية النيابية، وهذا يتعارض مع مقاصد الدستور. مناقشة اسباب الحل توسع في الرقابة ام مجرد استطراد؟ قد تكشف الايام عن اجابة للسؤال السابق.
2- إن المرسوم بقانون رقم 20-2012 بشأن تعديل نظام التصويت من اربعة اصوات الى صوت واحد لكل ناخب يعتبر سليما، لان هذا التعديل اقتضته ضرورة تتصل بالمصلحة الوطنية، ولم تتمكن الحكومة من عرضه على مجلس 2009، لان اغلبية اعضاء هذا المجلس رفضوا الاجتماع بعد ان صدر حكم المحكمة الدستورية بتاريخ 20/6/2012 بإلغاء حله (الطعون 5 و29 و6 و30 لسنة 2012), علما ان هذا الموضوع كان محلا لطعن مباشر قدمته الحكومة في الدعوى 26-2012 بتاريخ 16/8/2012، وقررت المحكمة حين ذاك رفض الطعن، لان سوء التشريع لا يعني عدم دستوريته، وقررت في الطعن المشار له ان هذا السوء تتم مواجهته بتشريع يعدله. اذا اعتبرت المحكمة ان شرط الضرورة متوافر لان المجلس لم يستطع الانعقاد مما حدا بالحكومة لمعالجة الموضوع في غياب المجلس. في الحكم المذكور قررت المحكمة سلامة المرسوم بقانون من حيث احكامه الموضوعية، وهذا يعني عمليا, وليس نظريا, عدم امكان الطعن فيه لهذا السبب في الانتخابات المقبلة.
3- ان المرسوم بقانون 21/2012 بشأن انشاء اللجنة الوطنية للانتخاب، وتعديل بعض الاحكام التنظيمية للانتخاب، مثل زيادة التأمين المالي من 50 الى 500 دينار، مخالف في صدوره للشروط المقررة في المادة 71 من الدستور، لان اهمية الموضوعات الواردة فيه لا ترقى الى درجة وصفها بأنها ضرورة.
تقرير مخالف
تقرير ان المرسوم بقانون 21-2012 مخالف للدستور يعني الغاءه بأثر رجعي، ويترتب على ذلك بطلان الانتخابات التي تمت وفق احكامه. بعد تقرير عدم دستورية المرسوم بقانون وبطلان الانتخاب قررت المحكمة سلامة القوانين التي اقرها المجلس المبطل، لأنها صدرت عن مجلس سليم وقت صدورها، كما اوجبت اجراء انتخابات جديدة وفق حكم الفقرة الثانية من المادة 107 من الدستور، والتي تقرر وجوب اجراء الانتخابات خلال شهرين من حل مجلس الامة.
الحكم السابق يدعو المراقبين للتأمل في عدد من الامور المرتبطة به مثل:
- طبيعة الدفع بعدم الدستورية امام المحكمة الدستورية عند نظرها في طعن انتخابي.
- مفهوم الضرورة وامكان صدور قوانين في المستقبل بناء على حكم المادة 71 من الدستور.
- اثر حكم البطلان على عودة المجلس السابق على المجلس المبطلة انتخاباته.
اولا: طعون الانتخابات وطعون الدستورية: وفق حكم المادة 173 وتقرير المذكرة التفسيرية فإن المحكمة الدستورية تفحص دستورية القوانين واللوائح، وفي حال حكمها بعدم دستورية قانون او لائحة يعتبر كأن لم يكن. تحت عنوان تنظيم هذا الاختصاص قرر قانون إنشاء المحكمة الدستورية قصر حق الافراد في تحريك موضوع عدم الدستورية على اسلوب الدفع امام محكمة الموضوع، تاركا للجنة مشكلة من ثلاث اعضاء من المحكمة الدستورية مراقبة قرار محكمة الموضوع في حال تقرير الاخيرة عدم جدية الدفع المثار امامها.
اضاف القانون رقم 14-1973 بإنشاء المحكمة الدستورية اختصاصا آخر اناطه بالمحكمة، وهو الحكم في الطعون الخاصة بانتخابات اعضاء مجلس الامة، واضاف قانون انشاء البلدية القائم للمحكمة ايضا الاختصاص بنظر الطعون الخاصة بانتخاب اعضاء المجلس البلدي. اجتماع صفة محكمة الموضوع والمحكمة الدستورية يقوم في حالة فحص المحكمة لطعن انتخابي، وقد تحققت هذه الفرضية عام 2008 ثلاث مرات: الطعن 20-2008، الطعن 21-2008، الطعن 27-2008.
قرينة الدستورية
وقررت المحكمة عدم قبول الطعن الاخير, وقد كان موضوعه اخلال القانون 42-2006 بالدستور بتقرير جعل الدوائر الانتخابية خمسا، مع اعطاء كل ناخب الحق في انتخاب اربعة مرشحين, لان قرينة الدستورية لا تسمح ببحث عدم دستورية القانون دون ان يقدم الطاعن بوادر الدليل بشكل كاف لهز القرينة وبحث فرضية عدم تحققها.
في الطعنين الانتخابيين الاولين تم الدفع بعدم دستورية المرسوم بقانون 25-2008، لانه عدل في نظام الانتخاب بمناسبة اجراء انتخابات مجلس الامة عام 2008، استجابة للنتائج المترتبة على صدور القانون 42-2006، وقد اتى المرسوم بقانون المشار له "مخالفا للشروط والضوابط المنصوص عليها في المادة 71 من الدستور"، كما قرر الطاعن.
دفعت ادارة الفتوى بأن الدفع المذكور هو في حقيقته طلب مباشر بعدم الدستورية، ولم تأخذ المحكمة بهذا الدفع، وقررت انه "يجوز ان يدفع امامها بوصفها محكمة موضوع بعدم دستورية اي قانون او مرسوم بقانون او لائحة يكون لازما للفصل في الطعن الانتخابي المعروض عليها، وهي التي تقرر عندئذ جدية الدفع المبدى امامها فإن قبلته فصلت في المسألة الدستورية كمحكمة دستورية, وان رفضته فلا معقب عليها في هذا الرفض".
وقررت المحكمة "رفض الدفع بعدم الدستورية"، وقراءة الحكمين السابقين تجعل المراقب يعتقد ان المحكمة كانت محكمة موضوع في طعن انتخابي تفحص دفعا بعدم الدستورية اكثر منها محكمة دستورية تصدر حكما في موضوع الدستورية، ولعل ذلك راجع الى حقيقة ان موضوع الدستورية لم يكن إلا جزءا من موضوع الدعوى، ولعله لم يكن لب الدعوى.
مركز الطعن
منهج المحكمة في الحكمين المشار لهما كان يسمح بإمكان توقع ان يتم فحص الدستورية على مرحلتين: الاولى تقرير جدية الدفع ثم في مرحلة مستقلة فحص موضوع الدستورية كموضوع قائم بذاته. حكم المحكمة في الطعن 15-2013، الصادر بتاريخ 16/6/2013، تعامل مع موضوع الدستورية باعتباره مركز الطعن الانتخابي, علما ان المحكمة في حيثيات حكمها قد اوضحت انها بصدد الدفع بعدم الدستورية, وقد صدر الحكم على اساس ان هناك طعنا بعدم دستورية المرسوم بقانون 20-2012 بتعديل القانون 42-2006، ولذلك ورد في منطوق الحكم "برفض الطعن بعدم دستورية المرسوم بقانون...".
منهج المحكمة في الحكم الاحدث ينبئ بأنها اصبحت تتعامل مع الدفع بعدم الدستورية, المبدى امامها اثناء فحص الطعون الانتخابية, بحسبانه طعنا بعدم الدستورية تقبله او ترفضه، وهذا المنهج يلزم ان يقترن به وجوب ادخال الحكومة في الخصومة، تطبيقا لحكم المادة 25 من لائحة المحكمة الدستورية التي تقرر ان الحكومة تعتبر من ذوي الشأن اذا كان الطلب متعلقا بالفصل في دستورية قانون او مرسوم بقانون او لائحة.
ثانيا: مفهوم الضرورة: لم يرد في نص المادة 71 من الدستور تعبير الضرورة، ولكن الفقه اصطلح على استخدام هذا التعبير عند عرضه للمراسيم بقوانين التي تصدر في اطار المادة 71، والتي يقرر نصها انه "اذا حدث بين ادوار انعقاد مجلس الامة او في فترة حله ما يوجب الاسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير جاز للأمير ان يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون...".
التعبير الوارد في النص يقود لتعليق صدور المراسيم بقانون على حدوث امر مستجد بذاته، ومع ذلك فإن تحليل المحكمة للنص جعلها تقبل اضفاء شرط جواز اصدار المراسيم التي لها قوة القانون في حال اتصال الوقائع الموجودة قبل غياب المجلس باحداث او وقائع مستجدة تجعل اصدار تشريع بشأنها امرا لا يحتمل التأخير.
ونلاحظ ان المحكمة قد سلكت عمليا هذا المسلك, دون ان تبسطه في حكميها السابق الاشارة لهما, فالمرسوم بقانون 25/2008 قد عدل في قواعد حضور المندوبين في قاعة الانتخاب بقصره للعدد على 15 مندوبا في كل قاعة، وجعل اختيارهم يتم بالقرعة في حال زيادة العدد عن الرقم المحدد، وقد فعل المرسوم بقانون ذلك باعتبار ان حجم قاعات التصويت التي تستخدم في العادة لا يسمح بتطبيق مقتضيات القانون 42-2006، مع ان الواقع المراد معالجة آثاره لم يحدث ان ابتدأ بعد غياب البرلمان بل هو موجود منذ سنتين، وكان ممكنا علاجه بتشريع سابق على نهاية الفصل التشريعي.
وتحتفظ المحكمة لنفسها بالحق في تقدير ماهية الامور التي تقتضي الاسراع باتخاذ الاجراء التشريعي، وتعبر المحكمة عن ذلك بقولها "اما عن امور السرعة فلا شبهة في ان كل الامور التي تعرض بمراسيم انما يقدر فيها وجه السرعة بقدرها, وتوزن بميزانها, ويحكم في كل امر منها بمعيار وقته وظروفه ومحيطه, وما يتطلبه هذا الاجراء من اغراض".
مفهوم حرفي
ما تفسير موقف المحكمة وما دلالاته للمستقبل؟
أما عن تفسير موقف المحكمة فلعله ناشئ عن حقيقة أن المفهوم الحرفي لربط سلامة صدور المرسوم بقانون بحدوث أمر لم يكن موجودا في السابق يقود عمليا الى استحالة صدور مرسوم بقانون في غياب المجلس، كما ان مثل هذا التفسير يقود المحكمة الى مواجهة احتمال وجوب تقرير عدم دستورية عدد ضخم جدا من المراسيم بقوانين صدرت منذ العمل بالدستور فكل هذه المراسيم بقوانين من الممكن أن يطعن فيها أمام المحكمة الدستورية من حيث سلامة ظرف إصدارها فلا يوجد في النظام القانوني الكويتي ما يحصن القوانين في مواجهة الطعن بعدم الدستورية لمجرد قدم وجودها في المنظومة القانونية. اذاً من الممكن القول ان اجتهاد المحكمة تأثر بواقع مسلك الحكومات والمجالس السابقة في تعاملها مع المراسيم بقانون في السابق.
هل يمكن أن ننطلق من هذا الفهم لتوقع أن المحكمة تدعو الحكومة والبرلمانات المقبلة للتساهل في اصدار المراسيم بقوانين؟
أعتقد أن الإجابة ستكون بالنفي لأن المحكمة في أحكامها الثلاثة (الطعون 20 و21/ 2008 و15/2012) ربطت إقرارها بسلامة المراسيم بقوانين بعناصر اضافية:
- المرسوم بقانون 25/2008: تقرير سلامته تم ربطه بواقع ان تنظيم الانتخاب في اطار الدوائر الخمس يجعل صعبا وجود كل المندوبين في قاعة التصويت مع كثرة عدد المرشحين ولكن المشرع وفق توضيحات المحكمة لم يخل بقواعد نزاهة الانتخاب فسمح بوجود عدد معقول من المراقبين، كما جعل الاستبعاد في حال تجاوز عدد المندوبين للسقف المحدد يتم عن طريق القرعة فلا توجد شبهة استبعاد مندوب بذاته لاسباب تقدرها لجنة الانتخاب، ومن بعد ذلك لا يزال القانون يحتوي على ضمانات مهمة لسلامة العملية الانتخابية.
- المرسوم بقانون 20/2012: عدم اتفاقنا مع المحكمة في اجتهادها لا يمنع من ملاحظة ان تقرير سلامة المرسوم بقانون استند الى عنصرين وهما ادعاء الحكومة توافر عناصر الاستعجال فيه نتيجة تفاقم الاثار السيئة للنظام الانتخابي السابق وايضا استناد المحكمة الى واقعة محاولة الحكومة ابطال التشريع بدعوى سوء اثاره ومخالفته للدستور وهو امر قررت المحكمة في حكم سابق لها عدم وجود المخالفة الدستورية
ووجوب تعديل التشريع لمعالجة المساوئ الواردة فيه. تضيف المحكمة ان الحكومة لم تتمكن من عرض الأمر على البرلمان صاحب الاختصاص بالتشريع لانه رفض الانعقاد ولذلك أصبح مبررا ان تتصدى للموضوع بنفسها من خلال الأدوات التي قررها لها الدستور.
نلاحظ ان المحكمة عرضت للعناصر الموضوعية في المرسوم بقانون لتقدير دستوريته و قررت انه لا يخالف الدستور وهو لا يخالف المتعارف عليه في الدول الاخرى وهذا الاجتهاد محل نظر، فالأصل في نظام التصويت الفردي ان يكون للدائرة الانتخابية مقعد واحد أما جعل الدائرة كبيرة المساحة فهو يتسق مع اسلوب القوائم ووضع الكويت في هذه المسألة اقرب للشذوذ كما ان الدخول في هذا البحث لم يكن ضروريا وكان بإمكانها الإشارة لحكمها السابق في رفض طعن الحكومة بالقانون 42/2006 وكانت قررت فيه ان الدستور لا يحدد عدد المقاعد في الدائرة تاركا ذلك لتقدير المشرع.
ولعل الدلالة الأهم في التنبؤ بالموقف المستقبلي للمحكمة من المراسيم بقانون هو حكمها بعدم دستورية المرسوم بقانون 21/2012، فالمحكمة رأت ان اهمية الموضوع لا ترقى الى القول بتوافر الشروط الواردة في المادة 71 من الدستور.
نعتقد ان المحكمة في حكمها بالطعن 15/2012 كان امامها وضع سيئ ومستقر فلم يكن بالنسبة لها منطقيا هدم المعبد وكان من الافضل وفق اجتهادها اصلاحه للمستقبل. وفق حكمها الأخير لا ينفرد المجلس بمراجعة الشروط المقررة في المادة 71 بل تشترك معه في مراجعة كافة الشروط المقررة في الدستور لاصدار المرسوم بقانون كما ان هذه المراجعة قد تقودها للحكم ببطلان المرسوم بقانون، اذا قررت تخلف شرط من الشروط فيه.
آثار الحكم
ثالثا: اثار الحكم: بعد ان حكمت في الشق الدستوري من الطعن الانتخابي قامت المحكمة بصفتها محكمة طعون انتخابية بتقرير بطلان عملية الانتخاب التي اجريت في 1/12/2012 وذلك في كل الدوائر الخمس وبعدم صحة عضوية من اعلن فوزهم فيها مع ما يترتب على ذلك من اثار اخصها اعادة الانتخاب مجددا واشار المنطوق للأسباب وورد في الاسباب "وغني عن البيان ان احكام هذه المحكمة ملزمة للكافة
ولجميع سلطات الدولة طبقا للمادة الاولى من قانون انشائها رقم 14 لسنة 1973، وتكون نافذة من تاريخ صدورها مع مراعاة الفقرة الثانية من المادة 107 من الدستور. ومن نافلة القول إن القوانين التي صدرت – خلال فترة المجلس الذي قضي بإبطاله – تظل سارية ونافذة الى ان يتم الغاؤها او يقضى بعدم دستوريتها".
بعد صدور الحكم تم طرح اسئلة واجتهادات متعلقة بآثاره:
هل يعود مجلس 2009؟
هل للحكومة القائمة ممارسة اختصاصاتها حال بطلان انتخاب احد الوزراء فيها؟
متى يجب ان يصدر مرسوم الدعوة للانتخاب؟
1- عودة مجلس 2009: في نهاية عام 2011 تم حل مجلس الامة المنتخب في عام 2009 وتم تنظيم انتخابات في 2/2/2012 كانت هذه الانتخابات محلا لطعون امام المحكمة الدستورية حكمت فيها بصفتها محكمة طعون انتخابية وقررت بطلان الانتخابات التي اجريت لعدم سلامة مرسوم الحل وعودة المجلس المحلول وهو المجلس المنتخب عام 2009 بقوة الدستور. نتيجة رفض اغلبية اعضاء هذا المجلس حضور جلساته تم حله مرة اخرى بتاريخ 7/10/2012 وهو حل قررت المحكمة سلامته وصدرت المراسيم بقانون محل الطعن في الحكم 15/2012. تم دعوة الناخبين لانتخاب مجلس جديد في ديسمبر 2012 وقد صدر الحكم ببطلان انتخابه لعدم سلامة المرسوم بقانون 21/2012.
نتيجة بطلان الانتخابات الاخيرة ذهب رأي في الفقه الى القول ان تطبيق حكم المادة 107 من الدستور يقود الى تقرير عودة مجلس 2009 بقوة الدستور لأنه فات شهران منذ ان صدر مرسوم حله بتاريخ 7/10/2012 ولم تنظم انتخابات سليمة بعد حله علما بأن الفقرة الاخيرة من المادة 107 ترتب على عدم اجراء الانتخاب للمجلس الجديد اثر مهم وهو عودة المجلس المنحل فورا كان الحل لم يكن. مع تقديرنا للرأي السابق فهو ينطلق من تطبيق حرفي لأثار البطلان، نحن لا نرى سلامته فلسنا بصدد حل لمجلس الامة ولكننا بصدد بطلان الانتخاب، كما اننا بصدد بطلان رتبت المحكمة الدستورية اثاره ولو اردنا تطبيق المبادئ العامة في البطلان بشكل كامل لوجب تقرير بطلان كل ما صدر عن المجالس المبطلة، فما بني على باطل فهو باطل. اذاً إما أن نرتب آثار البطلان كاملة بما فيها بطلان القوانين الصادرة عن المجالس المبطلة مع تطبيق القياس لأننا لسنا بصدد حل، على حكم المادة 107 كاملة وفي هذه الحالة يصبح سائغا القول بعودة مجلس 2009 او اننا نعيد ترتيب اثار البطلان لاعتبارات عملية وفي هذه الحالة يلزم اخذ الحل الذي تشير له المحكمة الدستورية وهو الأخذ بحكم الفقرة الثانية من المادة 107 والتي توجب الدعوة للانتخاب خلال شهرين وذلك انسجاما مع فكرة الديمقراطية النيابية. بالإضافة لما سبق فإن عودة المجلس المنحل هي جزاء مستحق يقرره الدستور على مخالفة مفترضة وهي عدم تنظيم الانتخاب وعند عدم تحقق المخالفة لا نستطيع تطبيق الجزاء، فالجزاء يرتبط وجوده بوجود المخالفة.
2- سلامة اعمال الحكومة القائمة: تطبيقا لحكم المادة 56 من الدستور تم اختيار ذكرى الرشيدي وهي عضو منتخب في مجلس الامة وفق نتائج الانتخايات المبطلة. هل يترتب على بطلان انتخابها في مجلس الامة بطلان عضويتها في الحكومة؟ وما اثر ذلك على سلامة اعمال الحكومة القائمة؟ نحن نعتقد ان تطبيق حكم المادة 56 من الدستور يرتبط بوجود مجلس الامة فلا يمكن تشكيل حكومة في فترة الحل وتضمينها احد اعضاء مجلس الامة لانه لا يوجد بعد الحل احد ينطبق عليه هذا الوصف وفي حالة بطلان الانتخاب نصل الى نفس النتيجة فلا يوجد عضو مجلس امة يتم توزيره. نعم يجب ان تنطبق الشروط المقررة في المادة 125 على من يلي الوزارة وتخلف واحد منها يبطل عضويته ولا نزاع في توافر هذه الشروط في ذكرى الرشيدي.
وبطلان عضوية احد الاعضاء على فرض وجود هذا البطلان لا تقود بحكم الزوم لبطلان اعمال المجلس فللمجالس الجماعية كيان خاص بها يختلف عن كيان احاد اعضائها.
3- ميعاد صدور مرسوم الدعوة للانتخاب: حكم المحكمة الدستورية عيني الاثر وهو ملزم للكافة. التكليف يحتاج لعلم فعلي او مفترض ولذلك يوجب القانون نشر احكام المحكمة الدستورية خلال اسبوعين من صدورها. الى جوار الكافة هناك اطراف الدعوى وهم الطاعن والخصوم وعلم هؤلاء مفترض بصدور الحكم ولا توصف هذه الاحكام بأنها حضورية او غيابية.
الحكومة خصم في الطعن
هل يحسب ميعاد صدور الدعوة للانتخاب منذ صدور الحكم باعتبار ان الحكومة خصم في الطعن ام يحسب من بعد نشر الحكم باعتبار ان المخاطب بهذا المرسوم هو جمهور الناخبين وهؤلاء ينشأ علمهم المفترض بمضمون الحكم من بعد نشره؟ من الناحية الفقهية انا اميل للرأي الثاني والحكومة راعت حلا يحقق الامرين فمرسوم الدعوة للانتخاب صدر مع نشر الحكم وتم تحديد الميعاد على نحو يحقق الالتزام بالشهرين كميعاد لإجراء الانتخاب فتكون الانتخابات قد تم تنظيمها قبل مضي الميعاد الذي قررته المحكمة، كما ان ميعاد الانتخاب يحترم حكم قانون الانتخاب الذي يوجب مضي شهر بين صدور مرسوم الدعوة للانتخاب ويوم الاقتراع.
الحكم محل التعليق ثاني حكم في تاريخ القضاء الكويتي يقرر بطلان كل العملية الانتخابية وهو امر لم ينظمه المشرع ولذلك قامت المحكمة بتوجيه المخاطبين بالحكم لأسلوب تنفيذه. اجتهاد المحكمة قد يكون محل نقد من بعض الفقهاء ولكنه يبقى ضروريا لمواجهة الآثار العملية لمثل هذا النوع من الاحكام اخذا بالاعتبار غياب التنظيم التشريعي للموضوع. وبالرغم من اعتقادنا بأهمية وجود المرجعية القضائية لحكم الحياة السياسي إلا ان كثرة اعادة الناخبين لصندوق الانتخاب بسبب الحل او بطلان الانتخاب قد تؤدي لآثار عملية لا تصب في ترسيخ الممارسة النيابية ونحن نعتقد ان المعطيات القائمة حتى الآن لا تدعو للاعتقاد بوجود سبب يقود لبطلان كامل العملية الانتخابية ونأمل الا تستمع الحكومة لدعوات من يحسن لها تعديل النظام الانتخابي بمرسوم بقانون.