ولادة الدستور مقابلة مع الاستاذ علي الرضوان سكرتير المجلس التأسيسي
وثائق للإطلاع
عدد القراءات:
300
القبس تحاور أمين المجلس التأسيسي وسكرتير لجنة
الدستور
علي الرضوان: لا وجود للدستور لولا عزم عبدالله
السالم تحويل الكويت إلى دولة
حاوره د. محمد الفيلي :
الاستاذ علي الرضوان، امين عام المجلس
التأسيسي، وامين عام اول مجلس للأمة، وقد التقيت به في المرة الاولى عندما كنا
اعضاء في مجلس ادارة الجمعية الكويتية لحقوق الانسان، قبل اشهارها، وكان يعرض
باقتضاب لمناقشات المجلس التأسيسي بمناسبة البحث في بعض المواضيع المدرجة على جدول
الاعمال، وهو اقتضاب تفرضه طبيعة الرجل من جهة،
واسلوب العم جاسم القطامي في الادارة من جهة
أخرى، فهو لا يتردد في تذكيرنا بجدول الاعمال متى احس بأن النقاش قد خرج عنه، وكنت
استفسر من الاستاذ علي عن بعض الامور التي عرض لها المجلس التأسيسي أو لجنة
الدستور، فيجيب بقدر السؤال.
أما عن هذا اللقاء فله قصة، فعندما تبنت
«القبس» فكرة الحوار الوطني للتعامل مع مشكلة اداء السلطات العامة والعلاقة بينها،
كان من الطبيعي ان يكون للدستور في هذه المبادرة محل مهم، و لطرح البحث في ظروف
ولادة دستور 1962 محل مهم ايضا، ولقد اقترحت على الاخوة في «القبس» الالتقاء
بالرجل، فهو شاهد عيان مهم جدا، لانه تابع بحكم عمله مراحل هذه الولادة في لجنة
الدستور، وفي المجلس التأسيسي، كما ان شهادته مهمة باعتباره من القانونيين
الكويتيين القلائل آنذاك..
واذا كان إقناع الاخوة في «القبس» بأهمية
اللقاء سهلاً، فإن اقناع الاستاذ علي ليس بالسهولة ذاتها، فهو محام ممارس يفرض
عليه هذا النشاط التزامات متعددة، وهذا يعني جدول اعمال مليئا، ثم ان الرجل يقضي
اجزاء من عامه خارج البلاد، وكان قبول الرجل باللقاء مرهونا بشروط، من ابرزها ان
يبتعد اللقاء عن السياسة بمعناها الضيق، وكان الترتيب ان يكون اللقاء من جزءين،
اولهما خاص بالظروف المحيطة بولادة دستور 1962 وثانيهما الوقوف عند مواد الدستور،
او على الاقل المواد التي اثارت نقاشا أو خلافات شديدة قبل اقرارها.
وبناء على طلب الرجل، اذكر امرين فقط، الاول
لأهميته الفنية والثاني لدلالاته.
اما المسألة الفنية فهي ملاحظة خاصة بمحاضر
لجنة الدستور والمجلس التأسيسي فإن النسخة المنشورة منها في ملحق مجلة الحقوق غير
موقعة من امين السر ورئيس المجلس، وقد اكد الاستاذ علي بأن المحاضر المنشورة هي
ذاتها المحاضر الرسمية وان النسخ الموقعة كانت لديه في مكتب الامين العام ولدى
الرئيس عند تركه للعمل في مجلس الامة.. والامر الآخر هو تذمر الرجل من الرقابة
المسبقة على تداول المطبوعات، فعندما ابديت اعجابي بمكتبته ونظامها، اخبرني انه
كان يطلب بعض الكتب من الخارج،
وقد عانى من واقع الرقابة على المطبوعات حتى لو
كانت لغير غرض التوزيع العام، واحتجاز كتبه لدى الرقابة كان يدفعه لمخاطبة بعض
المسؤولين الذين كانوا ينهون هذه المشكلة بأريحية شديدة، وهو امر يشكرون عليه
ولكنه لا يحل اصل المشكلة، فمن غير المقبول لديه ان يقرر موظف في وزارة الاعلام ما
يجوز له ان يقرأه وما لا يجوز.
وهو اليوم يطلب بعض الكتب على محل اقامته في
اوروبا، ولكن النتيجة هي ان الزحف المنظم لهذه الكتب على المساحات الموجودة في
مسكنه هناك اصبح يشكل عبئا عليه، فمساحة مسكنه هناك اقل من مساحة مسكنه في الكويت.
اما عن الجزء المنشور لاحقا من اللقاء فكان
امامي خياران، إما تفريغ تسجيل اللقاء كما هو، وإما إعادة كتابة الموضوع، فوجدت ان
مجرد التفريغ يجعل امام القارئ عملاً يصعب فهمه، فالفهم في السماع لا يرتبط فقط
بالالفاظ المسموعة، ولكن يستند إلى نبرة الصوت وحتى إلى الاشارات والايماءات وهي
في مجموعها لغة غير مكتوبة، اما اعادة الكتابة فإنها تفقد الموضوع بعض تلقائيته،
فوجدت من الافضل اعادة كتابة الحوار في حدود ازالة العائق المترتب على صعوبة قراءة
الكلام المحكي مع الاحتفاظ - قدر الامكان - بروح الحوار واللغة المحكية كي لا اجرد
الموضوع من تلقائية الحوار الشفهي وقبل أن أخلي بين القارئ واللقاء فإني أود أن
أسجل عددا من الملاحظات والانطباعات خرجت بها من هذا اللقاء:
ــ إذا كان أمر التوافقية في إعداد الدستور
القائم امراً مفروغاً منه فإن هذه الشهادة تؤكد بأنها توافقية سبقتها مفاوضات
مضنية، وأن كل الأطراف حاولت جاهدة أن تحصل على أقصى ما تستطيع.
ــ إذا كانت أدوار المشاركين في إعداد دستور
1962 معروفة فإن هذه المقابلة تلفت النظر إلى دور الشيخ سعد العبدالله - رحمه الله
- فلقد كان مفاوضا لا يستهان به، على الرغم من صغر سنه آنذاك، فقد استخدم كل
أساليب المناورة في مفاوضاته، ولم يتردد أحيانا في رفع سقف مطالباته في بعض
المسائل، باعتبار أن تنازله عنها يفتح الباب أمامه للحصول على مطالب أخرى.
ــ إن المذكرة التفسيرية للدستور عنصر مهم في
هيكله، ووجودها كان ضروريا للتعامل مع التوفيقية التي اخذ بها الدستور، كما ان هذه
التوفيقية هي التي تفسر ان الدستور قد اخذ ببعض الأحكام على مستويين: حد أدنى
مقبول وحد أعلى مأمول، والنزول عن الحد الأدنى المقبول لن يشكل تعديلا للدستور
الكويتي، بل هدما لهيكله ومسخا لروحه.
أعتقد أن من المهم الالمام بالظروف المحيطة
بولادة دستور 62، والأطراف التي عملت على هذه الولادة، وظروف المخاض والخروج إلى
الحياة لبعض مواد هذا الدستور. فبعض المواد مثل المادة الثانية او الرابعة او
السادسة والخمسين، مرت بمخاض عسير طويل جدا، وقد احتاجت أحيانا لمساعدة خارجية في
الولادة.
لذا اقترح ان نتناول الموضوع في جزءين فنستذكر
اولا ظروف ولادة دستور 1962، واسباب تأجيل
انتخابات المجلس التأسيسي لاكثر من مرة، واسلوب
تشكيل لجنة الدستور، والفريق القانوني، والجو العام المصاحب لعمل اللجنة والمجلس
التأسيسي. ومن بعد ذلك نأمل الوقوف معك امام نصوص الدستور كلها او على الأقل ما
ترى انها تحتاج لوقفة خاصة.
• كيف اختمرت فكرة دستور 62، لانه سبقته
تشريعات متعددة في نهاية الخمسينات وفي بداية الستينات.. فهل لهذه التشريعات علاقة
بولادة الدستور؟
ــــ لنرجع من البداية، صاحب الفضل الأساسي في
ظهور هذا الدستور هو المرحوم عبدالله السالم. فلولا وجوده، حتى بوجود الحركة
الشعبية في ذلك الوقت بقيادة الدكتور احمد الخطيب، ما كان يمكن أن يكون للدستور
نظام وتنظيم، فقد كان في ذهنه من بداية أول يوم حكم فيه مشروع تحويل هذه الإمارة
إلى دولة، لذلك بدأ من البداية بكل الأشياء التي توقف موضوع العشائرية، وأضرب مثلا
عندما بدأ البترول في الكويت يأتي بعوائد مجزية كان عبدالله مبارك الحاكم بأمره
وفهد السالم الحاكم بأمره، وعبدالله السالم كان متواضعا يمشي بشكل بسيط.
وقد اراد ضبط المالية فلا تستقيم امور الدولة
من دون ذلك، فجاء بالشيخ جابر الأحمد رحمه الله ووضعه وزيرا للمالية وكانت النتيجة
بعد فترة ان جاء جابر الأحمد وقال انه لا يستطيع إدارة المالية لأن هناك شيكات
تسحب منها، وبعدها قام عبدالله السالم بمواجهة كبار افراد الاسرة وبوضوح تام، ونتج
عن ذلك خروج بعضهم من الكويت، وكان يقول انه يجب ان نعمل نظاما للميزانية وللدخل،
نريد عمل دولة فيها ميزانية ليست للأسرة، وإنما للبلد، فكانت لديه هذه الفكرة،
وطبعا في هذه المرحلة كانت الأسرة الاقتصادية هي التي كانت متصدرة ويسندها في ذلك
تاريخها في مجلس 38، وبدؤوا يستدعون أشخاصا مثل السنهوري لوضع الكثير من القوانين
والأسس.
في تلك الفترة بدأت المجالس في الكويت، وكل
مجلس كان يصطدم بفهد السالم وغيره، فقال عبدالله السالم لماذا لا يكون هناك مجلس
منتخب مستقل وله كيان، فبدأت فكرة وضع دستور وسنّ نظام أساسي للدولة، وكان هناك
عدة أفكار حسب علمي، مثل أن تكون هناك لجنة لوضع الدستور، ولكن هل نعمل انتخابات
لهذه اللجنة أم لا؟ ولا أعلم شيئا عن التداخلات التي كانت قائمة، فلم اكن قريبا من
المشهد لانني كنت في مرحلة الدراسة الجامعية في الخارج، ولكن كان هناك اشخاص مثل
الاخ المرحوم يوسف ابراهيم الغانم قريبين من هذا الامر يبدون المشورة وعلى اطلاع على
هذه الاحداث، أيضا د أحمد الخطيب له علاقات قديمة مع عبدالله السالم وكان على علم
واطلاع بما يجري من تفاصيل.
انتخاب المجلس التأسيسي
ــ انا لا أعلم التفاصيل، لكن ما أعلمه ان
البداية كانت عملية المطالبة بقانون أساسي أو دستور، وحكم منظم وبرلمان، واستقر
الرأي في النهاية على القانون الأساسي الذي صدر والذي بموجبه انتخب المجلس
التأسيسي، وفعلا نتيجة الانتخابات عكست التحالفات الثلاثة عبدالله السالم، الأسرة
الاقتصادية، الحركة الشعبية،
وعندما ترى تركيبة المجلس التأسيسية، فيه
مجموعة موالية للأسرة، وأخرى موالية للأسرة الاقتصادية، ومجموعة موالية للحركة
الشعبية، ومجموعة أيضا مستقلين وهي بسيطة، واختاروا عبداللطيف ثنيان وهو عضو في
مجلس 1938 رئيسا للمجلس التأسيسي، وكانت طريقة ابو بدر (عبد اللطبف ثنيان) أن يكون
كل شيء بالتشاور خارج الاجتماعات الرسمية، وكان يتصل بجميع الأطراف، علاقته
بالقوميين جيدة كان يتعامل مع الدكتور احمد الخطيب يوميأ فهو نائبه في المجلس،
بالنسبة للاسرة الاقتصادية وهو تقريبأ جزء منهم،
فيما علاقاته مع عبدالله السالم كانت حميمة
جدا، وهذا الأمر افادنا في كيفية سير الدستور، والملاحظ من المحاضر ان اللجنة لم
تنتخب مباشرة بعد اجتماعات المجلس التأسيسي، وبقيت فترة، وكان الممكن في أول يوم
تنتخب لجنة الدستور مع الرئاسة، وأجلت حتى ينظم المجلس عمله وايضأ كي يكون هناك
وقت لمختلف الأطراف لكي يأخذوا وقتهم بالتفكر. (الجلسة الاولى انعقدت بتاريخ
20/1/1962 وتم انتخاب اعضاء اللجنة في الاجتماع السادس بتاريخ 3/3/1962).
التأسيس أظهر الاحجام
• هل نتيجة الانتخابات هي التي أدت الى
التريث قليلا في التشكيل؟
ــ لا، لا أعتقد، لأن هذه التحالفات كانت
موجوده قبل المجلس التأسيسي وكانت حميمة، بالعكس انتخابات المجلس التأسيسي عكست
وضع القوى السياسية في البلد وبينت حجمها، والتحالفات والمناقشات التي كانت تجري
انعكست في المجلس التأسيسي، فالمجلس جاء والكل راض من الأطراف الثلاثة.
• نعلم أن القوى السياسية التي شكلت المجلس
فيها جمعيات نفع عام تعكس بشكل او بآخر التوجهات السياسية القائمة مثل النادي
الثقافي القومي وجمعية الارشاد الاسلامي القريبة من الاخوان المسلمين فهل كان لهذه
الجمعية نشاط مباشر في العمل السياسي بما يسمح بوجود ممثلين لها ؟
ـــ لا. أصلا كان دورها بسيطا والحركة الدينية
السياسية لم يكن لها وجود حقيقي على الساحة، وماكان موجود على الساحة الشعبية هو
النادي الثقافي القومي وكان له تأثير في البلد، وغرفة التجارة في بداياتها كانت
تمثل ثقة البلد بعلاقاتها، لكن لم يكن نشاطات دينية، فكان لهم جمعية ارشاد ولم يكن
لها كيان شعبي، أو ماكانت تدخل في البرامج السياسية، هذا الوضع الذي كان سائداً
آنذاك.
دور الشيخ سعد
أثناء المشاورات التي كانت تجري من وراء الستار
في لجنة الدستور، قام عبداللطيف ثنيان واستشار عبدالله السالم وطلب ممثلأ للأسرة
فاتفق على أن يكون ممثل الأسرة هو الشيخ سعد العبدالله، و لا أعرف إن كانت الأسرة
هي التي اختارته أو أن الشيخ عبدالله السالم اختاره، ولكن اتفق معك انه كان يتكلم
باسم الأسرة وليس باسم عبدالله السالم،
وطبيعي أن يكون ضمنهم عبداللطيف ثنيان، أعضاء
الحركة الشعبية رشحوا يعقوب الحميضي، والأسرة الاقتصادية رشحت حمود الزيد وأصبحوا
أربعة وبقي شخص واحد، وترك هذا الموضوع مفتوحا وكان الاتفاق أن يكون الشخص الخامس
من المحايدين وان تكون اللجنة بالتزكية، والمفاجأة كانت يوم الجلسة، فقد رشح سعود
العبدالرزاق، والخطيب أخذ بخاطره لأن العبدالرزاق قريب من الأسرة، ومعنى ذلك أن
الأسرة سيكون لها مركزان وقام الخطيب بترشيح نفسه، وكان عدد اعضاء المجلس 31
(الحضور 28 ) وكانت نتيجة الفرز حصول يعقوب الحميضي على أكثر الأصوات (28) وبعده
عبد اللطيف ثنيان (26) وبعده الشيخ سعد (24) وبعده حمود الزيد (25). وسعود العبد
الرزاق (17) و الخطيب (15)، ويبدو ان المسألة مدبرة على كل حال هو صوت واحد الذي
حسم الأمر .
المهم اجتمعنا في الجلسة وقال عبداللطيف ثنيان
الشيخ سعد رشح محسن حافظ لأن يكون خبيرأ في لجنة الدستور و محسن عبد الحافظ كان
رئيس الفتوى والتشريع بالكويت، و هو للامانة قانوني ذو مستوى عال جدأ وذكي جدا
والآراء التي يبديها من دون توجيهات مسبقة ممتازة «بس هو جاي»، كما يقول المثل عبد
مأمور، «ولما يترك الموضوع له تلاقيه غير». وهو الذي وضع الدستور المؤقت وقانون
الانتخاب للمجلس التأسيسي. المهم قال الاعضاء نحتاج لخبير محايد ولا يجوز أن نعتمد
على مستشار الحكومة و كلما اقترحنا فكرة لاتريدها الحكومة او الاسرة قال ما يجوز.
وقال لي المرحوم عبداللطيف ثنيان الغانم رئيس
المجلس: ما رأيك ياعلي فقلت لهم ان هناك استاذ قانون دستوري في مصر مشهور جدأ
وعندما كنت أدرس في جامعة القاهرة كان هو الممتحن الخارجي في لجنة الامتحان الشفهي
لانه من حامعة عين شمس ونصحت أن يستعينوا به لمشروع الدستور و ان يدعوه من مصر ،
دار هذا الكلام في جلسة خاصة كان حاضرا فيها
عبد اللطيف ثنيان والخطيب فقال ابو بدر اذهب الى القاهرة و ادعُ هذا الاستاذ
للقدوم للكويت فاخبرتهم بان الامر ليس بهذه البساطة فرد عليّ بانه سيرسل برقية
لسفيرنا في القاهرة و كان الاستاذ عبد العزيز حسين، اخبره فيها «ان علي جايلك»
وطلب منه تقديم كل التسهيلات، طبعا ابو بدر تشاور حسب اعتقادي مع عبدالله السالم
في موضوع الاستعانة بمستشار خاص للجنة يكون على مستوى عال، سافرت أنا للقاهرة
والتقيت بالسفير وفهمته بالوضع، فقال هل تعرف عنوان الاستاذ؟ فقلت له انه كان
استاذا في جامعة عين شمس عندما كنت طالبا قبل عامين،
فقرر السفير الاستعانة برئاسة الجمهورية
وبالفعل رتبوا لنا موعدأ لمقابلة عثمان خليل، والتقينا به ووصفنا له المهمة، فقال
أنا حاضر تحت التصرف لكنني موظف في الدولة ويجب أن تكون هناك موافقة من الدولة،
وقال له السفير اترك هذا الامر لنا وسألناه عن الموعد الذي يستطيع القدوم فيه فقال
«أوراق المعارين تأخذ أربعة اشهر اوخمسة في الجامعة» فقلنا له «لا.. نبيك الاسبوع
الجاي»، فأجاب «هذا مستحيل».
ووصلنا في النهاية الى اتفاق انه يأتي خلال
شهر، وصار اتصال برئاسة الجمهورية وقالوا له أنت تسافر متى ماتشاء (بين تاريخ
الجلسة الاولى والخامسة التي حضر فيها الدكتور عثمان شهر و عشرة أيام). و في أول
جلسة للجنة الدستور أتى الشيخ سعد و معه الاستاذ محسن عبدالحافظ، وقال الشيخ سعد
«ترى إذا ماعندكم خبير هذا الخبير عندي»، المهم أتى الاستاذ محسن!
ومعه مشروع لعدد من المواد فناقشها الاعضاء في
انتظار وصول الخبير الذي اتفق معه المجلس.
19 مادة
• هل استند الاستاذ محسن عبد الحافظ ولو بشكل
أولي إلى نص من نصوص القانون المقارن كمسودة للمشروع المقدم؟ وهل قدم هيكلا محددا
للمشروع؟
ــــ لم يقدم هيكلا محددا ولكنه قدم مشروعا
للمجلس يتضمن عددا من المواد وهي المواد من 1 الى 19 .
• أنا ما لاحظته ان النص الذي قدمه في الجلسة
الثالثة وصل الى نص كامل ولكنه لم يتضمن الباب الخاص بالحقوق الاقتصادية
والاجتماعية والفلسفة الاقتصادية للمجتمع؟
ــــ هو في الواقع كان بذهنه مشروع ولكن لم
يقدم بشكل رسمي.
الحلقة الثانية
تأثير الدستور المصري لعام 1923
__________________
ومنطقي العذب للألباب مستلبٌ *** ومبسمي نضَّ
فيه الدر والنضرُ
لازم منادمتي وافهـم مناظرتي *** واسمع مكالمتي
يفشو لك الخبرُ
________________________________________
التعديل الأخير تم بواسطة الأديب ; 23-06-2009
الساعة 12:20 PM.
#2
23-06-2009, 12:09 PM
الأديب
عضـو متميز
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 449
________________________________________
القبس تحاور أمين المجلس التأسيسي وسكرتير لجنة
الدستور (2)
علي الرضوان: خلافات حادة مع الشيخ سعد حول دور
الأسرة
حاوره: د. محمد الفيلي
في الحلقة الثانية من اللقاء المميز، يستكمل
علي الرضوان، أمين المجلس التأسيسي وسكرتير لجنة الدستور، كشف خلفيات مهمة من
ولادة دستور الكويت.
ونظرا الى أهمية الموضوع الذي نحن بصدده، تأمل
«القبس» ان تكون شهادة الرضوان الذي تابع، بحكم عمله مراحل ولادة الدستور في لجنة
الدستور، كما في المجلس التأسيسي، البداية لنشر شهادات أخرى، من معاصري تلك
المرحلة، توثق نشوء الدولة الحديثة في الكويت.
دستور 23 المصري
• حسب علمك، هل كان يعمل على أساس دستور معين
كمسودة.. لأنني لاحظت في احدى الجلسات نقاشا للدستور الباكستاني؟
ــــ اعتقد انه كان متأثرا بدسنور 1923 المصري،
اما الاشارة للدستور الباكستاني فقد أتت من حمود الزيد، وقال هذا موجود في الدستور
الباكستاني. والشريعة الإسلامية ودورها في المادة الثانية اثارت نقاشا طويلا، وبعض
عناصر مداخلة حمود الزيد لم تسجل في المحضر بشكل كامل.
فهو لم يتكلم فقط عن وجوب دراسة اثر النص على
التعاملات التجارية الحديثة، ولكنه عرض ايضا لوجوب مراعاة اثر النص على فكرة
الدولة الحديثة وعلى نظام الحكم في الكويت. المهم قالوا الشريعة الإسلامية مصدر
مهم للتشريع ولكن لا تكون المصدر الرئيسي، وكان الجو في اللجنة أننا نناقش كل
النصوص المقترحة لغاية وصول الدكتور عثمان خليل.
نظام الحكم
• قبل أن يصل الدكتور عثمان قدم محسن حافظ
مذكرتين في النظام البرلماني والرئاسي، هل هذه الوثائق موجودة؟
ــــ انا عندما تركت مجلس الأمة كل هذه المحاضر
كانت موجودة وايضا كانت موجودة الاقتراحات، على العموم أول ما طرح كان موضوع نظام
الحكم، الاستاذ محسن قال للامانة ناقشوا هذا الموضوع أولا، في البداية الكل تحمس
أن يكون نظام الحكم في الكويت رئاسيا، لأن السلطة التنفيذية تكون لها القوة،
بالاضافة للاستقرار، منهم حمود الزيد والحميضي والشيخ سعد الا ابو بدر، فقال لهم
محسن «خلوني أقدم لكم مذكرة تبين لكم كل نظام من حيث طبيعته ومحاسنه وعيوبه» وكان
في داخله ضد النظام الرئاسي، هو مع النظام البرلماني.
شرط الرئاسي
• محسن عبد الحافظ ترك مصر وجاء الكويت في
أيام الجمهورية؟ وفي أي ظرف لأن بعض النخب المصرية خرجت بسبب الثورة ولم تكن تنظر
لها بارتياح؟
ــــ هو من البداية لم يكن ينظر بارتياح
للجمهورية هو من مدرسة المرحوم الدكتور السنهوري وكان يعمل مع السنهوري في مجلس
الدولة، وما أدري متى جاء الكويت ومن رشحه يمكن السنهوري اللي رشحه ما ادري، المهم
لما قدم النظامين تبين أن النظام الرئاسي مايكون إلا لما يكون رئيس الدولة منتخبا،
إذا كان في إمارة أو ملكية فيجب أن يكون برلمانيا، هذه المذكرة كانت واضحة والكل
«صف» مع النظام البرلماني.
ما عدا الشيخ سعد مصر على النظام الرئاسي،
وقفنا عند هذا الموضوع واحتدت المسألة، وكانت هذه اول وقفة، اقترح الشيخ سعد عرض
الموضوع على المجلس التأسيسي كي يأخذ فيه قراراً ولم يستحسن اعضاء اللجنة هذا الحل
باعتبار انهم منتخبون لتقديم مشروع متكامل يناقشه المجلس، والرجوع للمجلس في كل
مرة يعني انهم لن ينتهوا في الوقت المحدد.
السالم نصح بالحلول الوسط
• هل لاقتراح الشيخ سعد علاقة بحساب الاغلبية
في المجلس التأسيسي؟
ــــ لا اعلم ولكن الاغلبية متقاربة كما رأيت
في ترشيح الخطيب في هذه الفترة وصل عثمان خليل واستقبلته في المطار، وكنا قد رتبنا
له سكناً مجهزاً في الصليبخات وزاره ابو بدر وذهب معه لزيارة الامير، وبين له
الامير الآمال المعقودة عليه، واخبره عن وضع المشروع واوصاه بان يبحث عن اكثر
الحلول ملائمة للكويت وان يبحث عن الحلول الوسط اذا اشتد الخلاف. وبالنسبة للجنة
الفنية او الفريق القانوني الذي سئلت عنه،
هذه الفكرة هي فكرة ابو بدر الذي قال: لا يحسن
ان يحدث خلاف على الصياغة داخل اللجنة ليجتمع المستشاران ليتباحثا في الامور
الفنية قبل اجتماع اللجنة، وطلب ان اكون معهم في الفريق، فاخبرته بأن هؤلاء اساتذة
كبار ومن غير المنطقي ان اتباحث معهم في المسائل الفنية وانا حديث التخرج، فقال
المطلوب منك هو اطلاعهم على طبيعة البلد واحتياجاته.
انشأنا لجنة غير رسمية مصغرة واجتمعنا في
البداية مرتين، استعرضنا المذكرة التي اعدها محسن عبد الحافظ، وعرض الهيكل اللي
مسويه للدستور، والاستاذ الدكتور عثمان خليل كان قد تخمر في ذهنه مشروع للدستور
اعده قبل مجيئه من القاهرة، فلما جاء واطلع على اعمال اللجنة قال يا علي انا ما
عمل حاجه كده، لان المشروع الذي اعده في القاهرة كان وفق النمط البرلماني، قال ابو
بدر طيب قعدوا وفكروا اكثر.. فالمهم لما جاء التقى عبد الله السالم قال اقترح نظام
برلماني مع شوية ضوابط زيادة.
• في هذه الجزئية ما دام نتكلم عن اللجنة
الفنية، فمن ناحية الفنية عندما انظر في دستور 62 اجد بعض لمحات دستور الجمهورية
الثالثة الفرنسي، اجد لمحات من دستور 23 المصري، هل هذه الوثائق أتى بها عثمان
خليل معه مباشرة، ام كانت نتائج ثقافته الخاصة؟
ــــ انا اعتقد الاثنين معاً، عثمان خليل ومحسن
عبد الحافظ ثقافتهما الدستورية متأثرة بالقانون المقارن، ولابد انهما كأساتذين
عندما يريدان وضع دستور يحضران دساتير قديمة ويشرفان على ما يقدمان وماذا يؤخران.
في الجزء المتعلق بالحقوق والواجبات قال عثمان خليل نحن لا نقدر ان نطلع عن
الاعلان العالمي سنة 48، كل الدساتير الحديثة أخذته، فانتم اذا أردتم دولة حديثة
يجب ان تأخذوا بها حق العمل، حق التعليم والمساواة، كل ما ورد في «الباب الثالث»
وبعض ما ورد في الباب الثاني.
• الباب الثاني هو زيادة عن اعلان 48 فهل هو
كان متأثراً بمقدمة دستور سنة 46 الفرنسي؟
ــــ يجوز، لأنه استاذ قانون دستوري فكل
الدساتير هذه درسها، فالمهم، مشينا في العملية وقدم هيكلا عاما اذا ترجع للمحاضر
وترى انه قدم هيكلا عاما للدستور. بعد ان تم اقرار الهيكل العام للدستور والحقوق
والحريات، دخلنا في المناطق والمواضيع الاكثر خلافية، لاننسى اننا بصدد دستور يمزج
بين نظامين لكل منهما طبيعته ومنطقه.
ــــ مثلا صلاحيات الأمير بأمر اميري، محسن
يريد التوسع فيها بطلب من الاسرة، الاخرون يريدون ان يقلصوها الى الحد الأدنى،
فكان النقاش الحاد الذي يأتي في المواد لما جئنا نناقشها وكانت الامور تصل احيانا
الى حد النرفزة، على سبيل المثال عندما عرض الدكتور عثمان لاسلوب تشكيل الوزارة،
وقال ان تشكيل الوزارة من اعضاء البرلمان ومن غيرهم لايعني ان اعضاء الاسرة لا
يدخلون الوزارة .
• في هذه الجزئية ما قاله عثمان ينطلق من
تقاليد الدول الملكية، لتوفير اكبر حماية للملك لا تأتي أسرته في الوزارة حتى لا
يصيبه النقد الموجه للوزراء فعمل الوزير قابل منطقياً لان يكون محلا للنقد..؟
ــــ هذا اللي صار، مرة ثانية تكرر ما صار في
اللجنة في نقاشات الدستور اثناء المجلس التأسيسي ورفعت الجلسة، وهذه الجزئية دار
فيها نقاش عليها مرة اخرى في اللجنة، وأوقفنا الجلسة وأوقفنا جلسة أخرى، أيضا لما
تحدث الدكتور احمد الخطيب وذكر قصة مذيع اذاعة برلين في الحرب العالمية الثانية،
وكيف ان الناس كانت تتابعه عندما كان ينتقد
الحكومة ولما وصل في النقد الى الاسرة المالكة، ابتعد الناس عنه لان الانكليز
يعتبرون الاسرة المالكة رمزاً أو هي فوق الاوضاع السياسية، فغضب الشيخ جابر العلي
وقال :تريد ان تخرجنا من الحكم يادكتور؟ واخذ يتكلم بطريقة فيها تهديد، فرفعت
الجلسة وهذه الواقعة مشار لها في المضابط وأعتقد ان الدكتور الخطيب قد ذكرها في
مذكراته.
نسبة الثلث
• هذه مسألة أولى، مسألة ثانية أجدها غريبة
أن ترد في الدساتير البرلمانية ان يأتي أعضاء الوزارة من غير المنتخبين اعضاء في
المجلس بحكم مناصبهم وبالتالي يشاركون بالتصويت؟
ــــ هذي في الواقع ماكانت في البداية من لهم
حق التصويت هم المنتخبون فقط، ولكن الشيخ سعد اعترض بعد ذلك، وقال كيف لانصوت في
مجلس الامة ونحن متضامنون، شلون وزير يصوت في المجلس وغيره مايصوت؟ هذا يتعارض مع
مبدأ المساواة.
فقالوا ان هذا يعني طغيان غير المنتخبين على
المنتخبين ولا يعود هناك مجلس منتخب، وبعد ذلك وضعوا نسبة لاتتجاوز الثلث للوزراء
المنتخبين والمعينين.
• هل الطرف الآخر قبل هذه الفكرة بسهولة
بالرغم من غرابتها؟
ــــ لا، أنا أقول شنو صار، الامور لم تكن
دائما تسير بهدوء، مرة من المرات مضينا وخلصنا ثلثي الدستور وجاء الشيخ سعد وقال
هذه المواد اللي موافقين عليها انا فكرت فيها انا مو موافق عليها نرجع من أول
وجديد، فقام حمود الزيد واخذ بشته وخرج وتبعه الحميضي وقالوا إحنا نشتغل شهرين وهو
يبينا نرجع من اول وجديد مايصير مو مستعدين نناقش فرفعت الجلسة، ذهب بو بدر لعبد
الله السالم وكان على اتصال يومي معه، فقال له اكملوا عملكم حتى تهدأ الامور لم
يحضر الشيخ سعد اجتماعين.
كان في الكثير من الأحيان في حدة في النقاش.
اذكر لك مثالا آخر عندما كنا نناقش مخصصات الامير، اقترح الشيخ سعد ان يتم تحديد
نسبة للاسرة الحاكمة وذكر الحكم المقرر في قطر، وهو ان يكون ربع الدخل للامير وربع
للاسرة وربع للحكومة وربع للاحتياطي، فاحتج الاعضاء وخرجوا من الاجتماع، وذهب
بوبدر الى الشيخ عبدالله السالم.
ويقول ابو بدر لم ارَ الشيخ عبد الله السالم
غاضبأ كما في هذه المرة، وقال المخصصات تحدد بقانون ولاتزيد على عشرة ملايين
دينار، فقال له ابو بدر ان حمود الزيد ويعقوب الحميضي يقترحون ان يكون المبلغ
خمسين مليونا مراعاة لوضع الاسرة، فقال لا تزيدون على عشرة ملايين دينار فالاسرة
بخير ووضعهم جيد.
اما عن موضوع توارث الامارة، فان حمود الزيد
قال ان أهل الكويت لهم الرأي في اختيار الامير في الماضي وذكر واقعة امتناعهم عن
الذهاب لعبد الله السالم قبل وقوع بيعتهم لاحمد الجابر، وقال ان هذا الموضوع يجب
ان ينظم في الدستور، اما الشيخ سعد العبدالله فكان مصراً على ان هذا الموضوع
لاينظم بالدستور وانما يترك للامير.
• في هذه الجزئية وثيقة 1921 هل تم استخدامها
بشكل مباشر؟
ــــ ما اطلعت عليها.
• هي مذكورة في محاضر اللجنة؟
ــــ نعم تم ذكرها والاستناد اليها كواقعة
تاريخية ولكن لم تقدم كنص يرفق بالمحاضر، تم الاتفاق على ان يذكر في الدستور دور
مجلس الامة في اختيار ولي العهد ومبايعته.
مقاطعة حافظ
ومضينا في المناقشات، وكان كل يوم يجيء محسن
حافظ باعتراضات ومطالبات غريبة، ويستند الشيخ سعد اليها للمطالبة بتغيير النصوص
التي تم الاتفاق عليها، واصبح واضحا ان الامر لايمكن استمراره.
بعد ذلك لم يعد الاستاذ محسن يحضر في اللجنة
ولا اعلم على وجه اليقين السبب، ولكنني سمعت ان بعض الاعضاء نقلوا للسفير المصري
استغرابهم من مسلك الاستاذ محسن وسمعت، أو لعل هذا هو الأرجح، ان ذلك تم بأمر
الشيخ عبدالله السالم لانه كان على اطلاع تام على مشاكل اللجنة والمعوقات التي
تعترض عملها.
• هل غادر الكويت؟
ــــ لا هو كان في عمله ولكنه لم يعد يحضر امام
اللجنة ، وفي المقايل استمر في الحضور مع الفريق الفني في اجتماعاته المسائية كان
يأتي الساعة السابعة مساء ونراجع صياغة المواد حتى العاشرة مساء واحيانا يمتد
العمل لما بعد الرابعة صباحا.
توضيح
سقط من مقدمة المقابلة في الحلقة الأولى ما
يلي:
«وبعض أجزاء هذا اللقاء تمت من دون تسجيل
صوتي بناء على طلب الرجل، أذكر أمرين فقط في هذا الجزء من اللقاء، الأول لأهميته
الفنية والثاني لدلالاته».
الحلقة الثالثة تطبيق الدستور اليوم أعرج..
وهناك قوانين تخالفه
__________________
ومنطقي العذب للألباب مستلبٌ *** ومبسمي نضَّ
فيه الدر والنضرُ
لازم منادمتي وافهـم مناظرتي *** واسمع مكالمتي
يفشو لك الخبرُ
#3
23-06-2009, 12:19 PM
الأديب
عضـو متميز
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 449
________________________________________
القبس تحاور أمين المجلس التأسيسي وسكرتير لجنة
الدستور (3) والأخيرة
علي الرضوان: تطبيق الدستور اليوم أعرج..
وهناك قوانين تخالفه
حاوره: د. محمد الفيلي
في الحلقة الثالثة من اللقاء المهم مع علي
الرضوان أمين عام المجلس التأسيسي وسكرتير لجنة الدستور، يعرب عن الأسف، الذي لا
يخلو من ألم، لأن «تطبيق الدستور اليوم أعرج وهناك قوانين تخالفه».
واذ تأمل «القبس»، في ان تسمح ظروف الاستاذ
الرضوان في استكمال هذا اللقاء، كي يضع أمام جيل اليوم والأجيال المقبلة ما يمكن
من المعطيات حول ولادة أهم وثيقة في تاريخ الكويت الحديث، أي دستور عام 1962، الذي
كان حجر الزاوية في نشوء دولتنا الحديثة.
وفي الوقت نفسه، تأمل «القبس» وستسعى لتحقيق
الأمل، أن تكون شهادة الرضوان، حافزا للإدلاء بشهادات أخرى ممن عايشوا مراحل ولادة
الدستور، او شاركوا في نقاش مواده، او تابعوا بحكم مواقعهم، تلك النقاشات، كي
نكوّن أقرب صورة عن مراحل نشوء دستورنا ونصوص مواده، وروح تلك النصوص، لما في ذلك
من تطوير لحياتنا السياسية، فالدستور عقدنا الاجتماعي، ومنه تنبثق قوانيننا التي
نريدها أساسا لدولتنا.
• هل كان لهذه اللجنة سكرتارية؟
ــــ لا، كنا نقعد عند عثمان خليل جايبين مسودة
المواد التي ستناقش في الجلستين القادمتين ونعدل هذه ونعدل تلك، واللجنة صارت
أكثريتها تصوت معنا والشيخ سعد يصوت معنا، واحيانا كانت تنحل الامور واحيانا
ماكانت تنحل ، فكنا نقف حتى يرجعوا لعبد الله السالم، هكذا حتى مشينا في كل مواد
الدستور، وجاء الدور لطرحها على المجلس التأسيسي... وكان هناك عدة تعديلات رئيسية
في المجلس التأسيسي وكان النقاش على مادة مادة، لكن في المجلس التأسيسي مشت بصورة
أسهل وأسلس،
ونحن كنا نتوقع الا ننتهي من الموضوع خلال
السنة المخصصة لنا، وكان التفكير ان نمدد المجلس التأسيسي، لكن الامور مشت بأسرع
مما كنا نتوقع، لأنه كان في توافقية وايضا كان هناك من يدفع بالعمل من خلف الستار
متابعا لكل مراحل الموضوع، وعندما يجد ان هناك عقبات يتدخل، عبدالله السالم، لذلك
مشت الأمور بأسرع مما كنا نتوقع.
ومع ذلك أروي لك قصة مهمة لفهم هذا الدستور، في
المراحل النهائية من اعداد الدستور، كنا في جلسة ودية في المجلس التأسيسي ضمت عددا
من الاعضاء، اذكر منهم حمود الزيد وعبدالعزيز الصقر واحمد الخطيب وعبداللطيف ثنيان
الغانم، قال لهم الغانم هل هذا الدستور الذي تريدون، قالوا ليس هذا هو الدستور
الذي كنا نريده كنا نريد ان يكون للشعب دور اكبر في تشكيل الحكومة واختيار رئيس
مجلس الوزراء، كنا نريد ضمانات اكثر في موضوع حل مجلس الامة، هذا الدستور فيه كثير
من المشاكل و المماسك.
فوقف ابو بدر منزعجا و قال انا كنت عضوا في
مجلس 1938 و بالتأكيد ليس هذا طموحنا ولكن قارنوا بين وضع ليس فيه اي ضمانات ووضع
فيه بعض الضمانات، فقالوا حتى هذه لا نضمن استمرارها . وقد تناقشت مع الدكتور
عثمان في هذه المسألة فقال نضع في النص ضمانات تمنع التعديل في الدستور الا لمزيد
من الحرية والمساواة بالاضافة الى تعديل لقب الامارة .
وبعد ان اقر الدستور في المجلس التأسيسي قال
ابو بدر الآن عليكم اعداد نسخ من مشروع الدستور لعرضها على الامير، فقلت له اعطونا
وقتا كافيا لاعداد نسخ لائقة لدى خطاط جيد، فقد كنا منهكين تماما من كثرة العمل
وقلة النوم ولذلك كنا نخشى من الاخطاء المادية، وكان الاتفاق في المجلس ان تقدم
النسخ التي تم اعدادها قبل الموعد المحدد للتصديق بشهر، وقد ذهبت مع اعضاء اللجنة
حاملا نسخ الدستور وكنت قد اعددت اقلاما ذهبية لاستخدامها في حفلة التصديق.
لدى وصولنا سألنا سموه: هل هذا مايريده
الكويتيون فقال ابو بدر لقد انتخبوا مجلسا والمجلس اقر هذا الدستور. طلب مني سموه
قلماً فقلت يا طويل العمر التصديق خلال شهر وقد طلبنا اقلاما خاصة لذلك والقلم
الذي معي لا يليق بك فقال يا ابني هو يؤدي الغرض ولا داعي للانتظار ما دام هذا
مايريده الشعب، ووقع سموه على النسخ وسلمها للمرحوم عبداللطيف ثنيان الغانم.
قسم الأمير
مسألة اخرى ذات دلالة، وهي القسم، فقد ورد في
الدستور ان الامير يؤدي القسم قبل توليه اختصاصاته الدستورية وقد قال بعض الاعضاء
اننا بصدد بداية عهد جديد ويستحسن ان يدشن سموه هذا العهد بأداء القسم الدستوري،
فقال الشيخ سعد أن عبدالله السالم امير قبل الدستور فلا داعي لذلك اما سموه فقد
طلب ان يورد القسم في ثنايا خطاب الافتتاح لمجلس الامة.
وبعد ان انتهينا من موضوع الدستور قبل نهاية
المدة المقررة للمجلس التأسيسي قيل هل ندعو مباشرة لانتخاب مجلس الامة ام يكمل
المجلس التأسيسي مدته كمجلس تشريعي فتم اختيار الحل الثاني.
المذكرة التفسيرية
• مسألة فنية أيضا غير معتادة في الدساتير
وهي المذكرة التفسيرية، فالاستاذ محسن عبد الحافظ اجده في الجلسات الأولى يقول
نشير لذلك في المذكرة، اما في الجلسات اللاحقة فكان يقرر بوضوح أن المذكرة
التفسيرية ليس لها قوة ملزمة، إن اخذت بها المحاكم اخذت وان لم تأخذ فليس عليها من
حرج، بينما الدكتور عثمان كان يدافع عن الزامية المذكرة التفسيرية على خلاف الاصل
في الفن التشريعي؟
ــــ دكتور عثمان كان يريد ان تكون المذكرة
التفسيرية مكملة للدستور، ولذلك طلب ان يصوت عليها المجلس، بس الاستاذ محسن كان
يقول انت استاذ قانون وتعرف ان المذكرات التفسيرية ليست تشريعا وماهي إلا ارشاد
للمحاكم عن الظروف المحيطة بالنص، تأخذ بها أو لا تأخذ،
وصار خلاف طويل فني قانوني حولها ولكنه ليس
خلافا سياسيا، وكان اعضاء اللجنة بصفتهم سياسيين غير مهتمين كثيرا لهذا الموضوع،
وصار مزج من الرأيين (تم التصويت على المذكرة التفسيرية كنص قائم بذاته)،
والسبب في موقف الدكتور عثمان انه وجد نفسه
امام دستور انطلق من النظام البرلماني ولكن تم جره ناحية الاسلوب الرئاسي من دون
ان يكون رئيس الدولة منتخبا، في ظل وضع توفيقي كهذا وضع الاحكام في صلب النص لم
يكن كافيا ولذلك استخدم المذكرة التفسيرية لتحديد اطار بعض الاحكام.
توافق في اللجنة
• من زاوية فنية كان من الصعب وضع هذا
التمازج داخل مواد الدستور فقط، وكان يحتاج الى نص مرادف.. السؤال الذي أقف عنده
من الواضح ان الدكتور عثمان خليل استطاع ان يقنع المجلس بالحل الذي وصل له بدليل
انهم صوتوا علىالمذكرة التفسيرية في المجلس التأسيسي، ولكن في اللجنة هل كان هناك
توجه للتصويت عليها؟
ــــ في اللجنة عمره ماكان فيه تصويت، كان يحدث
عدم توافق يكون ابو بدر وحمود الزيد ويعقوب الحميضي الثلاثة في جهة والشيخ سعد
وسعود العبدالرزاق في جهة اخرى فتحدث وقفة احياناً ولكن لا اذكر ان هناك تصويتا
بالمعنى الرسمي، اما عن المذكرة التفسيرية فقد قُرئت بعد الانتهاء من مواد الدستور
وادخلت عليها بعض التعديلات قبل اقرارها بشكل نهائي وكان الدكتور عثمان يرى
الزاميتها مهمة لانها تخفف من النزعة الرئاسية الموجودة في النصوص.
فتاوى اليوم
وبما اننا نتكلم عن الاعمال التحضيرية للدستور
ومذكرته التفسيرية وكنت آمل ان هذه الامور يستفاد منها اليوم في نقاشات مجلس
الأمة، قاعد تطلع فتاوى لأمور كانت محسومة في الدستور، ومثل صغير في الاعمال التي
تتعارض مع العضوية في مجلس الامة، تم الاتفاق على ان من يمارس المهن الحرة يستمر
في عمله مثلا المحامي والمهندس والطبيب فلاتوجد شبهة،اما عن عضوية الشركات
المساهمة، فقالوا العضو يكمل مدته في مجلس الادارة دون ان يعين من جديد.. اليوم
مجلس الأمة اجاز ان أعضاء مجلس الأمة يعملون في الشركات.
قانون الثروة والاحتكارات
• نقاشات المجلس التأسيسي تطرقت بوضوح
للموضوع واللائحة واضحة وتقول لايجوز أن يعين بأي اسلوب كان؟
ــــ حمود الزيد كان دقيقا في معالجة الموضوع
إذا مهندس او محامي او طبيب مايخالف، لكن إذا كان تاجر يتعامل مع الحكومة مايصير،
الان طلعوا فتاوى جديدة، مثال اخر المواد التي تنظم التعامل مع موارد الثروة
الطبيعية والاحتكارات .
كان النقاش هل يصدر قانون كل مرة ام كما هي
وجهة نظر الشيخ سعد ان يصدر قانون عام ينظم الموضوع ونترك للسلطة التنفيذية
التعامل مع الموضوع وفق هذا القانون، واستقر الرأي على ان يكون كل امتياز او
احتكار يجب ان يصدر به قانون، والآن جاء مشروع الشمال وقال خبراء وزارة النفط اننا
لسنا بحاجة الى قانون.
تطبيق أعرج
• نرجع مرة اخرى ان ظروف ولادة دستور 62 هي
ليست فقط مهمة للتاريخ وإنما مهمة لتطبيق هذا الدستور؟
ــــ بالضبط، فهذا التطبيق قاعد يصير اعرج
والمسؤول عن ذلك مجالس الامة المتعاقبة وحتى بعض القوانين التي صدرت مخالفة صريحة
للدستور، خذ مثال حق الانتخاب للمرأة كان القانون يخالف يشكل واضح الدستور،
الدستور يقول لايجوز التفريق على اساس الجنس، وقلت لبعض الاخوات في فترة من
الفترات انا كمحام مستعد ان اترافع عنكم ببلاش واطعن امام المحكمة في قانون
الانتخاب، لانه غير دستوري لأنه يمنع المرأة من حقوقها المدنية، بعد ان يرفض
طلبكن، لكنهن قلن نحن «موعودين خير» هذا الكلام من زمان.
مثال ثان الرقابة على المطبوعات، هل يجوز ان
يقرر موظف في الاعلام ماذا اقرأ؟ تقول لي فيه انترنت وتستطيع ان تنزل اي كتاب اقول
لك نعم ولكن يبقى ان هذه الرقابة مخالفة للحرية المكفولة بالدستور.
اعطيك مثل ثالث: تتذكر انا وياك في جمعية حقوق
الإنسان، الجمعية اقعدت 10 سنين غير مشهرة ولما نقدم طلب مايوافقون عليها، لماذا؟
لأن الوزير له الحق يوافق أو لا، القانون اعطاه السلطة التقديرية انا افهم اذا
ماكانت ماتتوافر فيني الشروط، لكن إذا تتوافر الشروط إلزاميا يجب ان تشهر الجمعيات
لأنه حق من الحقوق المكفولة في الدستور.
لذلك ظللنا سنين عديدة غير مشهرين، ايضا المادة
السادسة من القانون ذاته تمنع على الجمعيات العمل بالسياسة من دون ضوايط. وأنا كنت
ادعو لعرض الموضوع على القضاء.
أعتقد اننا اليوم يجب ان نتوقف امام قضايا حقوق
الانسان وطريقة تطبيق الدستور 62 لازم تأخذ هذه المسائل حقها.
حد أدنى
• دستور 62 الذي كان ينظر له البعض آنذاك انه
أقل مما يريد أهل الكويت، اصبح البعض ينظر إليه باعتباره أكثر مما نستحقه، لماذا؟
ــــ لأن القوى السياسية تغيرت، الناس كانوا
متأملين لمزيد من الحريات الديموقراطية، الناس الآن المنتخبون في مجلس الأمة
لايؤمنون بالديموقراطية، لا يؤمنون بالحريات. الدستور الذي كانت القوى الشعبية ترى
فيه الحد الادنى أصبحنا نتعامل معه باعتباره الحد الاقصى،
عندما نقل ابو بدر ملاحظات الاعضاء للشيخ عبد
الله السالم قال له يجب ان يتعاملوا معه كخطوة الى الامام ويمكنهم ان يتقدموا أكثر
بعد ذلك. الآن أرى ان الظروف الحالية والناس اللي طلعوا لن يعدل الدستور إلى
الافضل، لأن النقاشات المطروحة غير صحيحة، فاليوم القوى التي تنادي بالحريات
متشبثة بالدستور خايفة من أن يأتي الأسوأ.
لا تحفظ على حقوق الإنسان
• يرى البعض ان حقوق الانسان فكر مفروض على
المنطقة وان التمسك به هو استعداء الخارج على الداخل، فكيف تعامل المجلس التأسيسي
مع مسألة تبني المعايير الدولية لحقوق الانسان في الدستور الكويتي؟
ــــ داخل اللجنة لم أسمع من اي طرف اي اعتراض
او استنكار، هذا الأمر لم يجر عليه نقاش تم التعامل معه باعتباره امرا جيدا، لم
يوجد اي تحفظ على استلهام او تبني الإعلان العالمي لحقوق الانسان، بل العكس كنا
نبي نسوي أكثر منه،
وقلنا ان حق التعليم حق مقدس، واذكر ان الشيخ
سعد قال لنكن واقعيين وانا ما أريد التزم بأن اعلم كل واحد في الكويت لأن أموري
الاقتصادية قد لا تسمح لي في المستقبل، رغم هذا صار نقاش طويل ان كل واحد في
الكويت لازم نعلمه، وهذا مثل للإنسانية وليس شيئا مفروضا علينا، لاننسى ان هذه قيم
مرتبطة بالإنسانية.
قيم عالمية
• اذا تقرير حقوق الانسان في الدستور غير
مرتبط بهاجس الانضمام للامم المتحدة؟
ــــ لا استطيع ان أجزم بذلك ولكن بالتأكيد
الموضوع ليس فقط الامم المتحدة، قيم حقوق الانسان هي قيم عالمية لانها مرتبطة
بالانسان، ونحن جزء من هذه الانسانية نحن لانعيش بمعزل عن العالم.
• هذه المسألة تجعلني اقول انه في 62 كنا
واعين ومتقبلين لحقوق الإنسان والديموقراطية اكثر من الوضع الحالي؟
ــــ وايد. نحن اليوم بدلا من ان نقلل من مسائل
العشائرية والقبلية والطائفية اصبحنا نزيد فيها، حتى في المناطق الداخلية التي
نسكنها نحن ننتخب من دون موضوعية،
انتخب لانه قريب لي او ابن عمي ليس لأنه زين،
ولازم مانلوم احد اذا كان المجلس سيئا إنما نلوم أنفسنا، واذا اردنا مجلسا جيدا
فهذا قرارنا ايضا.
المقالات نشرت في 14-16/6/2009م