حكومة تصريف العاجل من الامور اختصاصاتها ومدتها
حكومة تصريف العاجل من الامور
عدد القراءات:
263
حكومة تصريف العاجل من
الأمور
اختصاصاتها ومدتها
حكومة تصريف العاجل من الأمور هي تطبيق لفكرة
استمرار الدولة والحكومة مقرونة بفكرة الضرورة. الحكومة في أي نظام سياسي من
الممكن ان تستقيل كما من الممكن ان يتم اقالتها. هذه النتيجة لا توثر على وجود
حقيقة أخرى وهي ضرورة استمرار حياة الجماعة . وهذا الاستمرار يحتاج بطبيعة الحال
لوجود حكومة تشرف على استمرار المصالح العامة في اشباع الحاجات العامة ووجوب حماية
النظام العام وهذان العنصران هما مبرر وجود الحكومات . اما ان نعين حكومة جديدة
لإدارة المرحلة الانتقالية بين نهاية عمر الحكومة السابقة و بداية عمل الحكومة
الجديدة , او ان نكلف الحكومة السابقة بإدارة الاعمال لحين تعيين الحكومة الجديدة
. الحل الأخير اكثر واقعية و لذلك اخذت به اكثر الدساتير المقارنة و منها الدستور
الكويتي في المادة 103 و هي تقرر" اذا تخلى رئيس مجلس
الوزراء او الوزير عن منصبه لأي سبب من الأسباب يستمر في تصريف العاجل من شؤون
منصبه لحين تعيين خلفه " و نلاحظ في هذا الصدد ان حكم المواد 101 و 102 و متطلبات واقع النظام البرلماني يقودنا للقول بان خروج الوزير من الوزارة نتيجة
سحب الثقة منه لا يستقيم مع استمراره في تصريف العاجل من الأمور. ذلك ان مجلس
الوزراء يملك تكليف وزير اخر من ضمن أعضاء الحكومة بتصريف أمور الوزارة , اما
نهاية ولاية رئيس مجلس الوزراء فهي تقود بحكم اللزوم لوجوب تطبيق احكام المادة 103
من الدستور .
حكومة تصريف العاجل من الأمور هي ابتداء حكومة و هذا يعني انها تتولى
الاختصاصات المناطة بالحكومة , غير ان ربط وجودها بالعاجل من الأمور يقود الى
تقليص اختصاصاتها ربطا بما هو من " العاجل من الأمور " ما هو نطاق
العاجل من الأمور ؟ و الى متى تظل باقية لتصريف العاجل من الأمور ؟ هل هناك ميعاد
لا يجوز لها ان تتجاوزه ؟
أولا : اختصاصاتها : في الدساتير
المقارنة يستخدم تعبير "العاجل من الأمور" و يستخدم تعبير "الأمور
المعتادة او الدارجة" أيضا فهل من
اثر لذلك من حيث نطاق الاختصاص ؟ لم اجد إشارة في الاعمال التحضيرية للدستور تساعد
في التفرقة بين المصطلحين من حيث النطاق . و لكن اظن ان العاجل من الأمور أوسع من
المعتاد منها ,لان المعتاد هو تسيير الأنشطة المرتبطة بإشباع الحاجات العامة و
الضبط الإداري فهذه أمور حتمية لا يستقيم القول بوجود حكومة دون اشباعها فهي امر
يدخل في اطار العاجل من الأمور . و هذا الفهم يمكن اسناده بحقيقة ان استحباب الاخذ
بالنظام البرلماني الكامل يقود واقعيا , كما سنرى , الى امكان استطالة امد تشكيل
الحكومة الجديدة . امكان استطالة امد تشكيل الحكومة لا يستقيم مع القول ان نطاق
العاجل من الأمور ينحصر في العاجل من الأمور "المعتادة ". و يجب ان
نعترف بان التحليل السابق تحليل نظري بحت لعدم اطلاعنا على موقف القضاء الكويتي من
هذا الامر مع اختصاصه به كما سنرى . و لتحديد نطاق العاجل من الأمور يلزم الانطلاق
من اختصاصات الحكومة .
اختصاصات الحكومة واسعة و لكن يمكن وضع ثلاثة اطر لها
:
-
اختصاصات إدارية و هي اشباع الحاجات العامة من خلال تسيير المرافق و
المصالح العمومية و تحقيق الضبط الإداري ( امن عام -صحة عامة – سكينة ).
-
العلاقة الدستورية بالسلطات العامة داخل الدولة ( البرلمان و القضاء )
-
علاقة الدولة بالدول الأخرى .
1-
الاختصاص الإداري : اذا تبنينا القول بان استمرار المرافق العامة بانتظام و
اضطراد و تحقيق الضبط الإداري من مبررات وجود الحكومة و ان تخفيض نطاق هذه الوظيفة
يؤدي الى الحاق الضرر بفكرة وجود الدولة , فهذا يعني قولنا بان اشباع هذه الحاجات
من العاجل من الأمور ما دمنا في اطار الاشباع المعتاد لها و لم نتجاوزه . وهذا يعني أيضا ان القدر المتجاوز للإشباع
العادي للحاجات العامة العامة يجب لمقبولية إشباعه بواسطة حكومة العاجل من الأمور
ان يكون عاجلا بمعنى ان عدم صدور القرار يؤدي الى ضرر بالغ يلحق بالمرافق العامة
او ان التراخي في تحقيقه يؤدي الى فوات مصلحة بالغة الأهمية . تطبيق الفكرة
السابقة يعني ان المشاريع الجديدة و التعيينات الجديدة و انهاء العلاقة الوظيفية
في غير حالة التأديب مثل الإحالة للتقاعد, يجب لانعقاد الاختصاص لحكومة تصريف
العاجل من الأمور باتخاذها ان يكون الامر عاجلا بمعنى ان عدم اتخاذ القرار يلحق
بالمرافق العامة ضررا بالغا او على الأقل ضررا محققا .
2-
الاختصاص السياسي الداخلي : و يدخل في هذا الاطار إدارة علاقة الحكومة
بالبرلمان و إدارة علاقة الحكومة بالقضاء .
-
إدارة علاقة الحكومة بالبرلمان : في النظام البرلماني ,و لتحقيق الرقابة
المتبادلة بين السلطات مع تعاونها, تمتلك الحكومة أدوات تستخدمها في علاقتها
بالبرلمان . فهي تدعوه للانعقاد مع امكان تنظيم هذا الاختصاص من خلال فرض مواعيد
حتمية كما انها تفض أدوار الانعقاد وفق اطار محدد في الدستور و هي تقدم مشاريع
القوانين .كما انها تستطيع حل المجلس وفق قواعد مقررة في الدستور .و في النموذج
الكويتي تشارك أيضا في الكثير من اعمال المجلس النيابي باعتبارها عضوا فيه. الأصل
انها لا تمارس من هذه الاختصاصات الا ما كان عاجلا أي ما كان لازما للسير المعتاد
للمؤسسات الدستورية مثل دعوة البرلمان للانعقاد او دعوة الناخبين للانتخاب في حالة
نهاية الفصل التشريعي, اما حل المجلس المنتخب فهو ليس مما هو لازم للسير المعتاد
للمؤسسة البرلمانية و بالتالي لا يجوز ممارسته الا اذا كان صدور القرار معدودا
بالنظر لظروفه امرا عاجلا و عدم صدوره يلحق ضررا بالسير المعتاد للمؤسسة النيابية
. و نفس الحكم ينصرف للاختصاص التشريعي فليس من المقبول ان تتقدم بمشاريع قوانين
لا يعتبر تقديمها من العاجل من الأمور . اما ما كان لازما للسير المعتاد للمؤسسة
البرلمانية فهو يتضمنه مفهوم العاجل من الأمور و هو يشمل بطبيعة الحال السير
المنتظم للمؤسسات الدستورية خارج اطار الحكومة المستقيلة . يجب ان نتذكر ان
الاستقالة محلها الحكومة القائمة عند الاستقالة فقط و ليس بقية المؤسسات الدستورية
و التي هي قائمة لا يجوز ان يتأثر وجودها الا وفق حكم خاص بالدستور و ان يكون تأثرها في هذه
الحالة استثناء و الاستثناء لا يجوز التوسع في تفسيره. و من باب الاستطراد نلاحظ
ان بعض أدوات الرقابة البرلمانية سوف تتأثر واقعيا فالاستجواب وفق الدستور الكويتي
يمكن ان يؤدي لطرح الثقة بالوزير او اعلان عدم امكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء
و هو امر قد يؤدي للاستقالة الحكمية في حين ان الحكومة هي مستقيلة و لا يمكن دفع
المستقيل للاستقالة لان من شروط تحقق الاستقالة شغل المنصب المستقال منه .
-
علاقة الحكومة بالقضاء : مبدأ استقلال القضاء يرد عليه امكان التنظيم من
قبل المشرع العادي و الأخير يجعل المرسوم من أدوات تعيين القضاة كما ان المرسوم
أداة مقررة في الدستور لممارسة العفو عن العقوبة و نظن ان معيار السير المعتاد
للمؤسسات الدستورية يصلح تبنيه في التعيينات القضائية بما معناه ما كان لازما
للسير المعتاد لمرفق القضاء يشمله معيار العاجل من الأمور و ما تجاوز مستلزمات
السير المعتاد ينظر فيه بتمعن لتقرير انه قد صدر مستندا لأمر عاجل لا ينتظر, ام ان
سبب القرار لا يتحقق فيه هذا الوصف . اما عن العفو عن العقوبة فهو استثناء على
مبدأ المساواة امام القضاء و وجوب تنفيذ احكامه و عليه فان ممارسته من قبل حكومة
تصريف العاجل من الأمور تخرج عن الأمور المعتادة التي من الطبيعي ان تمارسها هذه
الحكومة و يلزم الوقوف عند كل قرار لتقرير مدى سلامة انطباق العاجل من الأمور مثل ,اصلاح
الأخطاء القضائية و ضرورة تحقيق السلم الاجتماعي .
3 – إدارة علاقة الدولة بالدول
الأخرى : الحكومة تدير علاقة الدولة بالدول الاخرة من خلال ثلاثة صور ؛ التمثيل
الدبلوماسي من خلال ارسال الممثلين في الخارج و استقبال ممثلي الدول الأجنبية ,
عقد المعاهدات الدولية , و اعلان الحرب ,علما بان الدستور الكويتي يحرم الحرب
الهجومية و يجيز الدفاعية فقط . قد يكون معيار السير المعتاد للمؤسسات مناسبا في
هذا الاطار أيضا فالعاجل من الأمور يشمل ضمان السير المعتاد لعلاقة الدولة بالدول
الأخرى اما ما زاد على ذلك فيجب الوقوف عنده لتقرير ان كان عاجلا يلحق الدولة بعدم
اتخاذه ضرر بالغ او يفوتها كسب عظيم ام لا .
بعد هذا العرض نستطيع
ان نخلص الى ان نطاق اختصاص حكومة العاجل من الأمور يتضمن ما هو لازم للسير
المعتاد للمؤسسات الدستورية . و ما يزيد عليه ان كان عدم اتخاذه يلحق الضرر او
يفوت كسبا مهما . و اعمال الحكومة يجب ان لا تتجاوز هذا الحد و يكون ذلك تحت رقابة
القضاء لان الالتزام بحدود الاختصاص من عناصر مشروعية القرار الإداري و هي مشروعية
يراقبها القاضي الدستوري في القرارات التنظيمية و يراقبها القاضي الإداري أيضا في
حدود اختصاصه بالإلغاء و التعويض كما ان الرقابة البرلمانية من المنطقي ان تكون
موجودة حتى مع القول بعدم جدوى تحريك المسؤولية السياسية .
اذا وصلنا الى القول
بان نطاق اختصاص الحكومة في فترة تصريف العاجل من الأمور يمكن تحديده فما هو امد
وجودها ؟
ثانيا : مدتها : تحديد
اختصاصات حكومة تصريف العاجل من الأمور راجع لكونها حكومة انتقالية تعمل لحين
استلام الحكومة العادية لزمام الامور. السؤال هو هل يلزم ان يتم تشكيل الحكومة
الجديدة في ميعاد محدد ؟ في الواقع لا يوجد في الدستور ميعاد محدد . الطبيعة
المؤقتة لحكومة تصريف العاجل من الأمور تستلزم ان يتم تشكيل الحكومة العادية في اسرع
وقت و لكن لا توجد ترجمة رقمية لعبارة اسرع وقت . و نلاحظ في هذا الصدد ان حكومة
تصريف العاجل من الأمور التي تنشأ نتيجة استقالة الحكومة بعد ظهور نتيجة
الانتخابات البرلمانية لا يمتد امد تشكيلها لأكثر من أسبوعين و هو ميعاد اجتماع
المجلس بعد انتخاب أعضائه . وفق حكم المادة 57 من الدستور و التي تقر "يعاد
تشكيل الوزارة على النحو المبين بالمادة السابقة عند بدء كل فصل تشريعي لمجلس
الأمة " يلزم على الحكومة ان تستقيل تمهيدا لتعيين حكومة تتسق مع توجهات
المجلس الجديد . و قد استقر العمل الى الان ان رئيس مجلس الوزراء المكلف بتشكيل
الحكومة الجديدة يتقدم مع الوزراء الذين اختارهم و صدر مرسوم بتعيينهم امام مجلس
الامة, حتى لو يكتمل العدد المأمول ,ثم يكمل عدد الوزراء بعد أداء فريقه للقسم
امام مجلس الامة و هو ان لم يفعل ذلك لن يستطيع ان يحضر جلسة افتتاح مجلس الامة لأنه
بدون فريقه الوزاري لا تتوافر فيه صفة رئيس مجلس الوزراء . كي تتضح الصورة يلزم
تذكر موقف الدستور الكويتي من النظام البرلماني و الوقوف امام قضية مرتبطة واقعيا
بقضية تشكيل الحكومة مع انها ليست جزأ من الموضوع من الناحية المنهجية و هي حضور
الحكومة المستقيلة لجلسات مجلس الامة في الكويت .
1-
موقف الدستور الكويتي من النظام البرلماني : لضمان استقرار الحكومة و عدم
اسقاطها من قبل البرلمان يستلزم النظام البرلماني حصول الحكومة على ثقة البرلمان
عند تشكيلها و ان تستمر هذه الثقة من بعد ذلك . افضل طريقة واقعية للحصول على هذه
النتيجة هي ان يتم اختيار الوزراء من الأغلبية البرلمانية او بقبول منها. فان لم
تفرز الانتخابات اغلبية واضحة يلزم ان ينشأ ائتلافا من الكتل البرلمانية يجعل من
الكتلة المؤتلفة اغلبية في البرلمان . اذا نحتاج لأغلبية ناتجة عن إرادة الناخبين
او مرتبة نتيجة التوفيق بين كتل موجودة . و الكتل البرلمانية , والمذكرة التفسيرية
للدستور تعترف بوجودها داخل البرلمان
تحتاج ,لضبط وجودها ,لتنظيم لها من خلال الأحزاب او الجماعات السياسية . وهو
امر كان محل تردد من صانع الدستور الكويتي و قد تجنب اخذ موقف حاسم فيه مفضلا
ترحيل الموضوع للمستقبل . نتيجة لهذا الموقف تبنى الدستور في موضوع العلاقة بين
السلطات نظاما ينطلق من النمط البرلماني مع قبول بقدر من الابتعاد عنه و مع اعتبار
ان الابتعاد عنه حالة مؤقتة بدليل ان المذكرة التفسيرية له ,و قد صدرت عن السلطة
التأسيسية , تعتبره الأصل المنشود. اذا قدر من الابتعاد عن النظام البرلماني مقبول
و الاقتراب منه مأمول . موقف الدستور يعني ان تشكيل الحكومة من الأغلبية
البرلمانية ليس واجبا و لكن عدم قبول اغلبية البرلمان بها سوف يؤدي لسقوطها لاحقا
و لذلك يلزم عند اختيارها استطلاع موقف البرلمان منها . عدم وجود اغلبية تقبل
بالحكومة او لا ترفض وجودها يعني اختيار الوزراء بما يماثل صنع كتلة تتماشى مع
توقعات توجهات أعضاء البرلمان . هذا من الممكن ان يتم بسرعة كما يمكن ان يطول وقت
حدوثه وفق واقع الحال ومهارة رئيس مجلس الوزراء و الذي يلزم عليه ان يختار فريقا
متجانسا ربطا بخطة لعمل الفريق الحكومي يقدمها لمجلس الامة فور تشكيل حكومته . الى حين نجاحه بتحقيق هذه
المهمة الدقيقة تستمر حكومة تصريف العاجل من الأمور بعملها تحت حد من الرقابة
يمارسها البرلمان و القضاء. و نلاحظ ان الانتقال لمزيد من البرلمانية لا يقلل من
امكان تأخر تشكيل الحكومة بل قد يزيد من هذه الاحتمالية اذا لم تفرز الانتخابات
اغلبية واضحة و هذه الأغلبية يجب ان يكون أساس وجودها برنامج سياسي يصلح ان يكون
برنامجا تنفيذيا لحكومة . و النماذج البرلمانية المقارنة تمدنا بحالات يصل المدى
الزمني لتشكيل كتلة مؤتلفة الى عام كامل نتيجة عدم وجود اغلبية لكتلة من الكتل في
البرلمان . من الناحية العملية كان رئيس مجلس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة
الجديدة في الكويت ينجح في مهمته خلال مدة لا تتجاوز الأسبوعين حتى لو كانت حكومة
تصريف العاجل من الأمور تعمل اثناء فصل تشريعي قائم . الا ان هذا العمل لم يستقر و
تجاوز عمر احدى حكومات تصريف العاجل من الأمور خمسين يوما فقد استقالت الحكومة في
25 نوفمبر 2008 و بقيت تصرف العاجل من الأمور حتى 22 يناير 2009 .و قد كان رئيسها
هو الشيخ ناصر المحمد و كان هو أيضا المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة . من بعد هذه
الواقعة اصبح عمر حكومات تصريف العاجل من الأمور اثناء الفصل التشريعي يتجاوز بشكل
عام مدة الأسبوعين . علما بان العمل استقر على ان حكومة تصريف العاجل من الأمور لا تحضر اجتماعات
مجلس الامة, باعتبار ان اختصاصها محدود كما ان العمل استقر على ان المجلس لا يعقد
جلساته عند غياب الحكومة .
2-
حضور حكومة تصريف العاجل
من الأمور جلسات مجلس الامة : لا يوجد نص
في الدستور يقرر عدم جواز حضور حكومة العاجل من الأمور جلسات مجلس الامة العادية .كما
ان السير المعتاد للمؤسسات الدستورية وهو امر مهم كما استمرار عمل المرافق العامة
بانتظام و اضطراد يقود للقول بوجوب حضورها
جلسات مجلس الامة . و هذا يعني ان حضور جلسات مجلس الامة جزء من اختصاصاتها . و
لكن العمل استقر على عدم حضور الحكومة في هذه الفترة لجلسات مجلس الامة العادية و
اقتصار حضورها على الجلسات الخاصة اذا قررت ان الموضوع ينطبق عليه وصف العاجل . ازدياد
عدد حكومات تصريف العاجل من الأمور اثناء الفصل التشريعي مؤخرا و ازدياد مدة
بقائها يجعل غيابها مؤثرا على استقرار عمل مجلس الامة , لأهمية دورها في التشريع و
الرقابة . و اذا كان موضوع اثر غياب الحكومة على صحة الجلسات ليس موضوع البحث وفق
العنوان المطروح فان استقرار العمل على اعتبار ان حضور الحكومة من شروط صحة انعقاد
جلسات مجلس الامة ,يزيد من الأثر السلبي لغياب حكومة تصريف العاجل من الأمور على
حسن سير المؤسسة البرلمانية في فترة وجود حكومة تصريف العاجل من الامور.
في الختام نعتقد ان
وجود حكومة تصريف العاجل من الامو اثناء الفصل التشريعي قد اضحى من أدوات إدارة العلاقة بين مجلس الامة
و الحكومة لارتباطه بحقيقة الحاجة لاستقالة الحكومة بغرض إعادة تشكيلها وفق الواقع
المتغير لطبيعة المكون البرلماني . خاصة
مع غياب الأغلبية البرلمانية المبنية على برنامج سياسي و ضعف الكتل البرلمانية
التي تتشكل وفق برنامج سياسي قابل للتنفيذ و هذا الواقع يجعل تحديد مدة لعمر حكومة
تصريف العاجل من الأمور غير متيسر . و نلاحظ أيضا ان إعادة تشكيل الحكومة قد يكون في بعض الأحيان
اكثر فاعلية من مجرد التدوير الوزاري. ونسجل أيضا قناعتنا ان المشكلة الأساسية لا تكمن في طول مدة بقاء
حكومة العاجل من الأمور بقدر تأثير غيابها على جلسات مجلس الامة و بالتالي على
انتظام سير المؤسسة البرلمانية و هو ما يستدعي التعامل بجدية مع الموضوع من هذه
الزاوية لمصلحة السلطة التنفيذية و التشريعية معا فمد مدة تشكيل الحكومة الجديدة
دون وجود حد ادنى مقبول من الرقابة السياسية على الحكومة الانتقالية يجعل القبول
السياسي و قبول الرأي العام بالوضع غير مريح على المدى البعيد مع انه في واقع
الحال اصبح من ضمن أدوات ترتيب العلاقة البرلمانية الحكومية .
د.محمد الفيلي
جريدة الجريدة بتاريخ 112 2021