الرأي المقدم للجنة التشريعية بشأن اختصاص المحكمة الدستورية بالطعون الانتخابية

في الأخبار

عدد القراءات: 129



مذكرة بالرأي في مضمون الفقرة الأخيرة من المادة 33 من الاقتراح بقانون بشأن المحكمة الدستورية  ( تنظيم مدد الطعن في مرسومي حل مجلس الامة والدعوة للانتخابات النيابية ).

 الاقتراح محل البحث اتى لإعادة تنظيم المحكمة الدستورية تحت مسمى المحكمة الدستورية العليا وهو المسمى الذي اخذ به المشرع المصري لأسباب خاصة به ولا اظنها قائمة في الكويت . واذا  كان طلب اللجنة التشريعية يصرف البحث تحديدا لموضوع تنظيم مدد الطعن في مرسومي حل مجلس الامة والدعوة للانتخابات النيابية فان مناقشة الموضوع لا تستقيم دون بحث اختصاص المحكمة الدستورية بالطعون الخاصة بسلامة انتخابات مجلس الامة والمجلس البلدي وفق القانون القائم .

ما هو أساس اختصاص المحكمة الدستورية بالحكم في الطعون الانتخابية لمجلس الامة  ؟ وما هو اثر الصياغة المقترحة في المادة السادسة من المقترح محل البحث على الاختصاص بنظر الطعون الانتخابية لمجلس الامة والمجلس البلدي ؟ ما هو سند الفكرة المعروضة في الفقرة الأخيرة من المادة 33 من اقتراح القانون ؟ وهل سيزيل الاقتراح بقانون احتمالية صدور حكم يؤدي لبطلان انتخابات مجلس الامة بعد اعلان النتائج ؟

 

1-   أساس اختصاص المحكمة الدستورية بالطعون الخاصة بنتيجة انتخابات مجلس الامة : يتم اجراء الانتخابات وفق قواعد مقررة بالقانون .  ويمكن ان تكون نتيجة الانتخاب غير مقبولة عند بعض الناخبين او المرشحين . الادعاء بعدم سلامة النتيجة لاي سبب يحتاج لحسم . عند وضع الدستور الكويتي كان الاتجاه التقليدي السائد هو اناطة الاختصاص بالبرلمان باعتبار ان الموضوع يتصل به كما ان فكرة اناطة الاختصاص بالقضاء في تصرفات اشخاص القانون العام كانت لا تزال وليدا حديثا في الفكر الإنساني . والى جوار هذا التوجه السائد ظهر توجه ينتقده باعتبار اننا في واقع الحال امام منازعة محلها ادعاء بعدم سلامة تطبيق القانون ولذلك من المنطقي ان يناط الاختصاص بالقضاء . كما ان التجارب في القانون المقارن كشفت ان البرلمان ينظر في هذه المنازعة وهو متأثر بطبيعته السياسية . كان على المشرع الدستوري ان يضع آلية للنظر في الطعون الانتخابية وكان عليه ان يختار بين التوجه السائد وقت وضعه او التوجه الذي ظهرت الدعوات لتبنيه ,علما بان الاخذ بالتوجه الثاني كان يقتضي اعداد تشريع يحدد جهة قضائية يسند لها الاختصاص وربما انشائها وكل ذلك قبل تنظيم أول انتخابات لمجلس الامة .

 وفق أسلوبه التوفيقي والواقعي اخذ الدستور الكويتي في المادة 95 بالحل الشائع باعتباره مقبولا وترك للمشرع العادي مكنة الاخذ بالمأمول حال اقتناعه بتوافر أسباب الاخذ به . وقد اخذ المشرع الكويتي بالحل الثاني بمناسبة تنظيم اعمال المحكمة الدستورية فأناط بها هذا الاختصاص لاتصالها بأعمال مجلس الامة  . اليوم يعدل المشرع وفق المقترح عن الحل الذي تأخذ به اكثر الدول (اناطة الاختصاص بجهة قضائية ) ويعود للنموذج القديم وقد عدل عنه القانون المقارن ( جعل الاختصاص في فحص منازعة قانونية لجهة سياسية ).

 في ظني ان العمل كشف عن إشكالات واقعية يحسن معالجتها دون الذهاب لحل يخلق إشكالات اخطر منها .  والمشكلة كما يرصدها المراقب تكمن في صدور احكام قضائية  تقرر بطلان كامل العملية :

-       اما لوجود عيوب شابت مرسوم الحل وهذا يعني ان الانتخابات أجريت بالمخالفة لأحكام المادة 83 من الدستور فوفق المادة المشار لها يتم اجراء الانتخاب بعد استنفاذ المدة المقررة للفصل التشريعي فاذا كان مرسوم الحل غير سليم فهذا يعني ان الفصل التشريعي لم يستنفذ مدته .

-       او نتيجة الحكم بعدم دستورية مراسيم بقوانين وفقها تم تنظيم العملية الانتخابية .

 

 وكل هذه الاحكام صدرت بعد اجتماع المجلس المنتخب بستة اشهر تقريبا . حجب الاختصاص عن المحكمة الدستورية لا يحل هذه المشكلة بالضرورة ويضعنا امام مشاكل جديدة .

 

2-   اثر الصياغة المقترحة للمادة السادسة من الاقتراح بقانون : بإلغاء اختصاص المحكمة الدستورية بالطعون الانتخابية دون وضع تشريع جديد لتنظيم الموضوع ستعود القواعد القانونية التي كانت تنظم الموضوع . النتيجة لأول وهلة سهلة فالقواعد المنظمة للطعون الانتخابية موجودة في اللائحة الداخلية لمجلس الامة وقد كانت محلا لإلغاء ضمني وبزوال حالة التعارض الضمني تعود هذه القواعد كما كانت فتعود المواد من 4 الى 11 الى حالة التفعيل . ولكن عودتها بحالتها القديمة تعني عدم معالجة أسباب العدول عنها وفي هذا استعجال يفوت مصلحة راجحة وهي تحديد أسباب العدول عن الوضع السابق قبل الرجوع له . ومما يحسن إعادة بحثه أيضا :

-        مدى كفاية الأدوات القانونية القائمة في اطار عمل لجنة الطعون الانتخابية , فالمادة التاسعة من اللائحة تحيل لقانون الجزاء لمعاقبة الشاهد الممتنع عن الحضور او عن تقديم ما لديه من بيانات في حين ان قانون الجزاء لا يعاقب على هذا الفعل الا اذا كان واردا في مواجهة القضاء او جهة قضائية ( المواد 136 و 140 الى 142 ) اما عن جهات التحقيق غير القضائي فالمادة 139 لا ترتب العقوبة الا في حالة حضور الشاهد وادلائه ببيانات غير سليمة بعد ان اقسم امام اللجة . والوضع القانوني السابق ينصرف ايضا للجان التحقيق البرلماني القائمة ويحتاج لمعالجة تشريعية توحد الاحكام الخاصة بالقضاء والجهات القضائية ولجان التحقيق البرلماني .

-       تحديد مدة لصدور القرار في الطعن المقدم لمجلس الامة : القواعد المقررة في لائحة مجلس الامة تحدد ميعادا لتقديم الطعن (م 5 ) وميعادا لصدور تقرير لجنة الفصل في الطعون الانتخابية ( م 10 ) ولكنها لا تحدد ميعادا لصدور قرار المجلس وان كان مفهوم النصوص يتضمن دعوة له بالاستعجال في اصدار القرار . وضع مجلس الامة في هذه المسألة يشابه وضع المحكمة الدستورية . التشريع يحدد ميعادا قصيرا لتقديم الطعن ولا يحدد ميعادا لصدور الحكم او القرار .

 

واذا كان وضع الطعون الانتخابية بالنسبة لمجلس الامة معقد قليلا فانه اكثر تعقيدا بالنسبة لانتخابات المجلس البلدي فالقواعد القانونية التي كانت تنظم الموضوع بإناطتها بالقضاء العادي لم تعد موجودة لإلغائها بشكل صريح كما قرر القانون 33/2016 . ونلاحظ ان القانون القائم ينيط بالمحكمة الدستورية الاختصاص بالنظر في الطعون الانتخابية الخاصة بالمجلس البلدي لأنه تبنى القواعد القانونية المستخدمة في انتخابات مجلس الامة . علما بان المجلس البلدي هو عنصر من عناصر التنظيم الإداري وليس له طبيعة سياسية  ولذلك ينظر القضاء الإداري في منازعاته في الدول التي  تتبنى نظام البلديات .

المضي قدما في فكرة القانون المقترح تقتضي التعامل مع الملاحظات السابقة .

 

3 – اسناد الاختصاص في فحص مرسومي الحل والدعوة للانتخاب للمحكمة الدستورية : وفق المادة 173 من الدستور لا تختص المحكمة الدستورية بفحص دستورية القرارات الإدارية الفردية ومنها مراسيم حل مجلس الامة ومراسيم الدعوة للانتخاب . ووفق القانون القائم هي تفحص مشروعية المراسيم المشار لها بمناسبة فحص المنازعات الانتخابية متى كانت هذه المراسيم متصلة بالمنازعة ومؤثرة فيها . بحجب الاختصاص بفحص الطعون الانتخابية عن المحكمة الدستورية يغدو اسناد هذا الاختصاص للمحكمة الدستورية غريبا من الناحية المنطقية . نحن بصدد قرارات إدارية من الناحية الشكلية والدائرة الإدارية من الناحية الإجرائية اقرب لها . والنتيجة السابقة لا تعني عدم دستورية هذا الاسناد ولكن فقط عدم اتساقه مع منطق قواعد الاختصاص القائمة . واذا أراد المشرع الاخذ بالتوجه الوارد في الاقتراح يحسن تحديد ميعاد لتقديم الطعن كي يصار لتحديد ميعاد لصدور الحكم .

اذا كان الهدف المنشود من هذ المقترح هو ابعاد احتمالية صدور حكم يقود لتقرير بطلان كامل العملية الانتخابية بعد اعلان نتائج الانتخاب فهل هذا الامر مضمون حال إقرار المقترح ؟

 

4 – اثر تبني المقترح على امكان صدور حكم يؤدي لبطلان كامل العملية الانتخابية بعد اعلان نتائج الانتخابات : وفق المادة 173 من الدستور تختص المحكمة الدستورية بفحص دستورية المراسيم بقوانين . فاذا صدر مرسوم بقانون نظمت وفق احكامه الانتخابات البرلمانية وصدر حكم بعدم دستوريته فان هذا يقود لبطلان العملية الانتخابية لانعدام أساس القانوني  بنيت عليه.   ولا يمكن لمجلس الامة حجب هذا الاختصاص عن المحكمة الدستورية لأنه مقرر في الدستور ولكن يمكنه تنظيمه على نحو لا يخل بوجوده . وقد يكون الحل هو في تنظيم ميعاد يقدم فيه الطعن على المرسوم بقانون مع تحديد ميعاد تصدر فيه المحكمة الدستورية حكمها فيه وكل ذلك قبل ميعاد اجراء الانتخاب .

 

بعد بسط الملاحظات السابقة في اطار الطلب المقدم من اللجنة التشريعية نخلص الى القول بان حجب الاختصاص عن المحكمة الدستورية لا يحل بالضرورة المشكلة التي كشف عنها الواقع العملي وهي إمكانية ابطال الانتخابات بعد ان يعمل المجلس لمدة طويلة نسبيا . كما ان التوجه الذي اخذ به القانون المقترح يمثل تراجعا وفق مفاهيم القانون المقارن . علما بان هناك حلول للمشكلة الموصوفة يمكن الاخذ بها دون حجب الاختصاص عن القضاء .

 ومن باب الاستطراد نعرض لملاحظة وجدناها في الاقتراح بقانون يحسن الوقوف عندها لأنها تتجاوز موضوع الملائمة وتدخل في اطار الدستورية .

تقرر الفقرة الأولى من المادة 33 من اقراح القانون ان نفاذ حكم المحكمة يكون في اليوم اللاحق على نشره وهذا الحكم لا يتسق مع الحكم المقرر في الفقرة الأخيرة من المادة 173 من الدستور . والاستناد لقواعد ربط  نفاذ التشريع بنشره ليس لها محل في التطبيق في هذا الموضع لصراحة نص الفقرة الأخيرة من المادة 173 من الدستور  ولان العلم الحقيقي بصدور الحكم متحقق في اطرافه و منهم الحكومة . من الناحية العملية الحكم الوارد في الفقرة الأولى من المادة 33 من اقتراح القوانين من الممكن ان يقود لفرضيات وفقها يتم الاستمرار بتطبيق التشريع الذي الغته المحكمة الدستورية بدعوى عدم نفاذ الحكم لعدم نشره , مع ان التشريع المعني  وفق الدستور يعتبر كأن لم يكن منذ ان قررت المحكمة عدم دستوريته .

 

د.محمد الفيلي

3/7 / 2023

مذكرة تكميلية في الرأي بشأن اسناد الرقابة القضائية المسبقة على المراسيم ذات الصلة بانتخاب مجلس الامة

 

كشفت النقاشات المهمة في اجتماع اللجنة التشريعية المنعقد بتاريخ 3/7/ 2023 والرأي الذي تم تداوله منسوبا لعضو مجلس الامة  د. بدر الملا في هذا الموضوع ,عن الحاجة لوقفة إضافية امام عدد من الاسئلة المستحقة . هل تحديد ميعاد يلزم على القاضي ان يصدر حكمه فيه جائز دستوريا ؟ وما هي الطبيعة القانونية لهذا الميعاد ؟ ما هي العلاقة بين نظر القضاء للمراسيم ذات الصلة بالعملية الانتخابية واعمال السيادة ؟ ما هو اثر صدور حكم بعدم سلامة المراسيم ذات الصلة بالعملية الانتخابية على المواعيد الدستورية التي يلزم اجراء الانتخاب وفقها ؟  ايهما افضل , اناطة الاختصاص بالمحكمة الدستورية ام بجهة قضائية أخرى ؟

1-   مدى جواز تحديد ميعاد لصدور الحكم :  الحق في التقاضي مكفول دستوريا للكافة وهو قابل للتنظيم وفق المادة 166 من الدستور واداة التنظيم هي القانون . والتنظيم وسيلة قد تقود لتحديد وقت لممارسة الحق . وفي هذا تقييد ولكنه تقييد مقبول اذا كان أساسه موضوعي يحقق الغرض من التنظيم او يحقق مصلحة راجحة متصلة بالموضوع محل التنظيم دون مصادرة اصل الحق .

 تقرير ميعاد لتقديم الطعن او لصدور الحكم في المراسيم والمراسيم بقانون ذات الصلة بالعملية الانتخابية لتجنب احتمال ثبوت بطلانها الكامل بعد اعلان نتائج الانتخاب مع ما يترتب على ذلك من اثار سلبية تؤثر على مجمل العملية الانتخابية . او تحديد ميعاد لصدور حكم المحكمة الدستورية في الطعون التي محلها المراسيم بقانون ذات الصلة بالعملية الانتخابية  . كل ذلك يحقق مصلحة راجحة تتصل بالموضوع محل التنظيم . قد يقول قائل ان في التقييد شبهة مخالفة مبدأ الحق في المحاكمة العادلة لان تحديد ميعاد لصدور الحكم يحرم المحكمة من الوقت الكافي لفحص الموضوع ويؤثر على حق الطاعنين في تقديم مذكرات دفاع مستفيضة . والحق في المحاكمة العادلة مبدأ ذو طابع دستوري لا يقف عند الدعوى الجنائية فقط وقد ولد في كنفها بل يمتد لكل المنازعات , ولكن من عناصر هذا المبدأ أيضا ان يصدر الحكم في الوقت الذي تتحقق فيه المصلحة من حسم النزاع فيلزم لاحترام هذا المبدأ تحقيق التوازن بين كل مكوناته . اذا تأملنا الموضوع نجد ان الاخلال بالمبدأ غير متحقق من الناحية الفنية في القانون المقترح  لان المحكمة بخبرات أعضائها تملك وقت معقولا من الناحية العملية , كما ان هذا المسلك اخذت به المحكمة الدستورية في الكويت (الطعن 1/2023 بطلان اصلية ) للتعامل مع طعون تتصل بالعملية الانتخابية , ولأسباب واقعية كان يحسن صدور الحكم فيها قبل اجراء الانتخاب . وقد استقر القضاء الإداري في الكويت أيضا على اصدار الاحكام  في الطعون ذات الصلة بالعملية الانتخابية  في وقت سابق على اجراء الانتخاب و بعض هذه الاحكام صدرت عن محكمة التمييز مما يعني ان هذه المنازعات خلال اقل من شهر عرضت على ثلاث محاكم  . ويمكن اعانة المحكمة على التعامل مع القضايا التي تحتاج المنازعة الى حكم يصدر خلال ميعاد قصير بتقرير تفرغ أعضائها واسناد المكتب الفني فيها بعدد اكبر من الباحثين . واذا كانت دراسة دستورية التشريع المرتقب امرا مهما فان المبالغة في هاجس عدم الدستورية تقود واقعيا لشل التشريع .

2-    ميعاد حتمي ام تنظيمي  ؟ : درج القضاء ومن باب التخفيف على المتقاضين على اعتبار الميعاد في بعض الإجراءات ميعادا تنظيميا . ويرتب القضاء  على هذا الوصف عدم بطلان الاجراء اذا تم بعد الميعاد .  والوصف السابق للميعاد يتم انزاله اذا لم يرتب القانون جزأ على التأخير باتخاذ الاجراء  . هل يجوز للقاضي ان يخالف مواعيد اصدار الاحكام بدعوى انها مواعيد تنظيمية ؟ وان حدث هذا الامر فما الأثر القانوني على موضوع المنازعة . الإجابة المنطقية عن السؤال الأول ان القاضي وامامه تنظيم تشريعي لحق التقاضي يلتزم بالميعاد المنظم لعمله وهو أيضا يدرك العلة من الميعاد ولا يتصور انه يرغب بإفساد العملية الانتخابية  . اما اثر عدم صدور الحكم في الميعاد على العملية الانتخابية فهو مرتبط بقرينة السلامة التي تؤدي لعدم تأثر نفاذ القرار بالطعن فيضل القرار قائما منتجا لآثاره القانونية مادام لم يصدر الحكم ببطلانه . كما ان عدم صدور الحكم في الميعاد سيغلق الباب امام  تقديم طعن جديد لفوات مواعيد الطعن .

3-   هل نحن بصدد اعمال سيادة ؟ اعمال السيادة اجتهاد قضائي لتجنب  بسط رقابة القضاء على أنشطة كان القضاء يرى ان بسط رقابته عليها غير مستحسن او غير ممكن واقعيا . والقضاء المقارن يقدم نماذج على تقليص هذا المفهوم كما ان المشرع قد يقلص هذا المفهوم عندما ينيط بالقاضي فحص نشاط معين فيغدو التمسك بأعمال السيادة غير ممكن في حال قيام القاضي ببسط رقابته على الموضوع على النحو الذي رسمه له المشرع . المشرع الكويتي تبنى هذا التوجه ولكن ترك للقاضي تحديد نطاق اعمال السيادة وفق تقديره وفهمه لها . والمحكمة الدستورية وهي مختصة بفحص الطعون الانتخابية وفق قانون انشائها لا يجوز لها ان تستند لنظرية اعمال السيادة لتجنب القيام بالاختصاص المكلفة به من قبل المشرع . القانون الكويتي وضع قواعد تشريعية تحكم الانتخاب وبعضها موجود في الدستور ويلزم على قاضي الانتخاب انزالها على المنازعة الانتخابية التي اناط القانون به فحصها . ومن ضمن هذه القواعد حكم ورد في المادة 83 من الدستور . وفق هذا الحكم لا يجوز اجراء الانتخابات قبل نهاية الفصل التشريعي .والفصل التشريعي  ينتهي بنهاية اجله الأصلي ( أربعة سنوات من اول اجتماع له ) او بحله وفق القواعد المقررة في الدستور . اذا التأكد من نهاية الفصل التشريعي يقتضي التأكد من سلامة الحل ربطا بالقواعد التي يقررها الدستور للحل . يترتب على العرض السابق بان الجزم  بان مراسيم الحل التي فحصتها المحكمة الدستورية , بمناسبة قيامها بفحص الطعون الانتخابية , هي من اعمال السيادة الممنوع على القضاء فحصها , هو قول  غير سليم منهجيا , لأن المناط به انزال وصف اعمال السيادة هو قاضي موضوع المنازعة فاذا لم يعطها هذا الوصف فلا يجوز لنا منازعته في حقه بالتكييف وان كان باب النقد العلمي مفتوح  . كما ان منهج المحكمة الدستورية في عدم انزال وصف اعمال السيادة على المراسيم ذات الصلة بالعملية الانتخابية , منهج سليم لان مالا يستقيم التكليف الا به يأخذ حكم التكليف . فلا يمكن تقرير سلامة انتخابات أجريت والفصل التشريعي قائم , وهذا يجعل فحص سلامة العملية الانتخابية مرتبط بالضرورة بفحص سلامة مرسوم الحل , لأنه أداة تقرير نهاية الفصل التشريعي .

4-   اثر صدور الحكم بعدم سلامة مرسوم الحل او مرسوم الدعوة للانتخاب قبل اجراء الانتخاب على المواعيد الدستورية للانتخاب : اذا تعاملنا مع السؤال السابق وفق الاحتمالات الواقعية فإننا نجد افتراضين :

-       في حالة نهاية الفصل التشريعي بالحل : يلاحظ ان عرض مرسوم الحل على المحكمة الدستورية يجعل السلطة التنفيذية بالغة الحرص لان مشروع المرسوم الذي رفعته لرئيس الدولة سيكون محلا لمراجعة قضائية . كما ان بطلان مرسوم الحل سيرجع رئيس مجلس الوزراء للوقوف امام المجلس الذي شرع بحله ما دام الفصل التشريعي مازال قائما . طبعا هذا الحكم لا يمنع الحكومة من تقديم مشروع مرسوم جديد مبرأ من العيوب التي كشفها الحكم في حيثياته . نلاحظ ان احتمال الدخول في مواجهة مع المواعيد الدستورية للانتخابات غير قائمة في هذه الحالة لأننا بكل بساطة سنعيد المحاولة والفصل التشريعي قائم .

-       في حالة النهاية الطبيعية للفصل التشريعي : ليس امامنا في هذه الحالة مرسوم بالحل فقط امامنا مرسوم الدعوة للانتخاب ولم تثر واقعيا مشاكل خاصة بمرسوم الدعوة منفصلا عن مرسوم الحل . اما ان نخرج هذا الفرض من التنظيم الجديد ونقصره على حالة الحل او نعدل في قانون الانتخاب لجعل الميعاد القصير لمرسوم الدعوة للانتخاب مقبولا اذا كان المرسوم اللاحق اتى متضمنا تصحيحا لعيب ورد في المرسوم السابق وكان التصحيح ربطا بمحتوى الحكم القضائي .

5 – هل يحسن اناطة الاختصاص بفحص المنازعة الانتخابية بمحكمة غير المحكمة الدستورية ؟  اختصاص المحكمة الدستورية بفحص دستورية المراسيم بقوانين حتى لو كان لها اثر على العملية الانتخابية يجعل اناطة الاختصاص بها في نظر المراسيم ذات الصلة بالعملية الانتخابية اكثر واقعية وذلك من باب توحيد الحلول وتقصير امد النزاع .

د.محمد الفيلي

كلية الحقوق جامعة الكويت 4/7/2023