الرأي المقدم للجنة التشريعية في الحصانة البرلمانية
وثائق للإطلاع
عدد القراءات:
1720
الأسئلة التي تم إثارتها حول موضوع تكليف لجنة الشؤون التشريعية والقانونية وفقاً لقرار مكتب المجلس رقم (47) لإبداء الرأي الدستوري والقانوني في مدى جواز عرض موضوع حبس بعض أعضاء مجلس الأمة على المجلس
السؤال الأول :
مدى جواز عرض موضوع رسالة حبس بعض النواب على مجلس الأمة ؟
بالاطلاع على الرسالة محل السؤال نستطيع ان نقرر ان اقتصار البحث على واقع القانون الكويتي في الموضوع , دون بحث الحكم الصادر بحبس عدد من اعضاء مجلس الامة , لا يتعارض مع نصوص الدستور و مبادئه و لا يتعارض مع احكام اللائحة الداخلية لمجلس الامة. و يلاحظ في هذا الصدد ان اقتراح تعديل الدستور او تعديل القانون , لزيادة نطاق الحصانة البرلمانية , من اختصاص مجلس الامة و لكن محله ليس في مناقشة بند الرسائل الواردة . و من الممكن اقتراح تعديل اللائحة الداخلية لمنع حبس العضو قبل صيرورة حكم الحبس باتا او تعديل قانون الاجراءات الجزائية لمنع حبس المدان قبل صيرورة حكم الادانة باتا او جعل قرار رفض الافراج بعد صدور حكم الادانة واجب التسبيب او حتى تقرير اسباب خاصة لرفض الافراج قبل صيرورة الحكم باتا . اما بحث مجلس الامة تنفيذ الحكم الصادر بالحبس في مواجهة عدد من اعضائه او مناقشة اسباب الحكم القضائي او اسانيده فهو يشكل تشكيكا في وجوب تنفيذ الاحكام القضائية او محاولة للتأثير على القضاء , حيث ان القضية معروضة امام قضاء التمييز , و هو يخل بمبدأ الفصل بين السلطات المقرر في المواد 50 و 53 من الدستور , و مبدأ عدم جواز مساس استقلال القضاء الذي يستند الى المادة 163 , و يشكل النقاش ايضا اخلالا بحكم المادة 27 من اللائحة الداخلية لمجلس الامة .
السؤال الثاني :
حدود الحصانة المذكورة في المادة (111) من الدستور والمادتين (20 ، 21) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة ؟
في هذا السؤال يلزم ضم المادة 22 من اللائحة الداخلية لان عدم بحثها يجعل الصورة نا قصة .
الحصانة الاجرائية المقررة في المواد 111 من الدستور و المكملة بالمواد 20 و 21 و 22 من اللائحة الداخلية , استنادا للمادة 117 من الدستور , محلها حماية العضو من الاتهام الجنائي الكيدي اثناء دور الانعقاد و لذلك هي لا تثار اذا تم القبض على العضو في جريمة مشهودة كما ان رفعها غير مطلوب اذا تم اتخاذ الاجراء الجزائي بين ادوار الانعقاد و لكن يلزم اخطار المجلس عند بداية دور الانعقاد مع وجوب الحصول على موافقته على استكمال الاجراءات مادام الحكم لم يصدر .
اثناء دور الانعقاد يلزم قبل اتخاذ اي اجراء جزائي مرتبط باتهام العضو عرض الموضوع على مجلس الامة . يلزم على المجلس من خلال رئيسه احالة الموضوع للجنة التشريعية و على هذه اللجنة ان تبحث في الاتهام من حيث توافر او عدم توافر الكيدية فيه . و وفق نص المادة 22 من اللائحة الداخلية لمجلس الامة "لا تنظر اللجنة أو المجلس في توافر الأدلة أو عدم توافرها من الوجهة القضائية وإنما يقتصر البحث فيما إذا كانت الدعوى كيدية يقصد بها منع العضو من أداء واجبه بالمجلس، ويأذن المجلس باتخاذ الإجراءات الجزائية متى تبين له أنها ليست كذلك".
يترتب على ما سبق ان تعبير "الحبس "و تعبير "اي اجراء جزائي اخر " ينصرفان لمرحلة الاتهام و هي مرحلة تمتد الى ماقبل صدور الحكم القضائي بالادانة اما بعد صدور الحكم القضائي فيتحول وصف المتهم , و هو بريئ وفق نص المادة 34 من الدستور , الى مدان .
و على كل حال الحصانة البرلمانية استثناء من مبدأ المساواة امام القانون و المساواة امام القضاء و هو كاستثناء مقبول لان الدستور قرره و لكن الاستثناء لا يجوز التوسع في تفسيره . كما ان وصف الكيدية , و هو مناط تقرير الحصانةالبرلمانية , لا يجوز اضافته للحكم القضائي لان الحكم القضائي عنوان الحقيقة الرسمية و وصفه من قبل مجلس الامة بانه بانه اتهام و كيدي يعني اهدار مبدأ فصل السلطات .
السؤال الثالث :
هل يوجد سوابق بالكويت في موضوع حبس بعض الأعضاء ؟
لا اعرف سابقة في الموضوع و في حال وجودها لا يحتج بها لانها ستكون مخالفة .
السؤال الرابع :
حدود الارتباط بين كل من المواد (16 ، 20 ، 21 ) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة ؟
تقرر المادة 16 من اللائحة الداخلية قواعد اسقاط العضوية اما المواد 20 ,21 و 22 فهي تنظم موضوع الحصانة الاجرائية و هذا يعني اننا امام موضوعين مختلفين من حيث السبب و من حيث النتيجة .
اسقاط العضوية قد يرتبط بادانة جنائية و قد يرتبط بفقدان الاهلية اذا كان مقررا بحكم قضائي . و خلو النص من وصف الحكم يجعل التفسير الاقرب للقواعد العامة يصرفه للحكم البات لان قرينة البراءة لا تنعدم الا بصيرورة الحكم باتا . و من يملك التفسير هو مجلس الامة لان اسقاط العضوية لا يتم الا بعد ان يوافق عليه المجلس باغلبية اعضائه . و اسقاط الحصانة او حتى تنفيذ العقوبة لا ينتج عنه سقوط العضوية ما دام المجلس لم يوافق على ذلك وفق الاحكام المقررة بالمادة 16 . و يختلف تنفيذ حكم الحبس عن اسقاط العضوية في ان القانون القائم يجعل نفاذ عقوبة الحبس وجوبيا بعد صيرورته نهائيا بخلاف حكم اول درجة الذي لا يكون واجب النفاذ الابفوات ميعاد الاستئناف او بشموله بالنفاذ المعجل .
و في احكام اسقاط العضوية كما في احكام الحصانة البرلمانية لا يجوز المساس بحجية الاحكام القضائية . فالمجلس لا يمكنه ان يسقط العضوية الا بعد ان يصدر الحكم القضائي الموصوف في المادة 16 و له ان يرتب النتيجة دون ان يعقب على الحكم القضائي ذاته و لذلك ورد في نص المادة تعبير "اذا امكن ذلك " و سبب ورود التعبير السابق هو حالة فقدان الاهلية عندما يقررها حكم قضائي فيصبح من غير المقبول ان يراجع البرلمان سلامة النتيجة التي قررها الحكم القضائي . و ذات الامر , عدم التعقيب على احكام القضاء , نجده في احكام الحصانة البرلمانية . فلا يجوز للجنة التشريعية بحث الادلة من حيث سلامتها بالمفهوم القضائي و ليس لها ان توصي بتقرير الحصانة البرلمانية الا اذا وجدت الاتهام مقصود منه فقط الكيد للعضو بهدف التأثير على قيامه بوظيفته البرلمانية . اما بعد صدور الحكم القضائي فلا مجال لبحثها لانه لا يجوز وصف الحكم , من قبل مجلس الامة , بانه كيدي .
السؤال الخامس :
هل من الممكن تطبيق فكرة وجود محكمة خاصة لمحاكمة أعضاء السلطة التشريعية مثل محكمة الوزراء ؟
محكمة الوزراء كمحكمة جزائية خاصة قرر الدستور وجودها في المادة 132 ربطا بجرائم خاصة . و يمكن من خلال تعديل الدستور تقرير وجود محكمة مماثلة لاعضاء مجلس الامة .
السؤال السادس :
حدود التفسير اللفظي للمادة (111) من الدستور ؟
الحصانة المقررة في نص المادة 111 من الدستور محلها الاجراءات الجزائية المتخذة اثناء دور الانعقد في مواجهة العضو قبل صدور حكم الادانة في الاتهام الموجه اليه . كما تقرر هذه المادة وجوب اخطار المجلس بما تم اتخاذه من اجراءات في مابين ادوار الانعقاد . و هي لا تنصرف للجريمة المشهودة . قد يثور الاشكال عن وجوب رفع الحصانة لاتخاذ كل اجراء جزائي على حدة بدل ان يصدر المجلس قراره برفع الحصانة ربطا بتهمة محددة .
في قناعتي ان التفسير السليم لنص المادة 111 من الدستور يجعل قرار رفع الحصانة محله التهمة و ليس الاجراء الجزائي و ذلك للاسباب التالية :
1- تعبير "او" الوارد مقرونا بالاجراءات الجزائية اتي لتقرير ان كل اجراء مذكور هو مجرد مثال للتوضيح . و قد انتهت العبارة بالقول "او اي اجراء جزائي اخر ". و عليه فان عبارة "او " الواردة لا تفيد انفراد كل اجراء بحكم خاص من حيث الحصانة البرلمانية و لكن تفيد شمولها كلها من حيث وجوب رفع الحصانة .
2- نهاية الفقرة الاولى من المادة ورد نصها " و يتعين اخطار المجلس بما يتخذ من اجراءات جزائية اثناء انعقاده على النحو السابق " و وجوب الاخطار المنصرف للاجراءات الجزائية لا يجتمع عقلا مع وجوب الاذن السابق . اذا هو اذن واحد ينصرف للتهمة مع وجوب الاخطار بالاجراءات المتخذة بعد ذلك .
3- القول بان كل اجراء جزائي سابق على صدور الحكم يحتاج بذاته لقرار مستقل من حيث موضوع الحصانة يقود لتعقيد غير منطقي و يستهلك وقت جهات التحقيق و القضاء و مجلس الامة و مثل هذا التفسير لا يتسق مع قواعد المعقولية . فعملية التحقيق مكونة من اجراءات متلاحقة محلها واحد و هو التحقيق في الاتهام الموجه للمتهم .
في الختام اتمنى لكم اعزائي التوفيق في المهمة المناطة بكم و تقبلوا مني وافر التحية و خالص التقدير .
د. محمد الفيلي