الاطار الدستوري لولاية القضاء و علاقته بولاية المرأة
الأبحاث المنشورة
عدد القراءات:
3599
المتأمل في موقف النظم السياسية القديمة بشأن موضوع رئاسة الجماعة يجد ان التوجه الغالب فيها هو تركيز السلطة بيد الرئيس فإليه تعود الاختصاصات و باسمه تمارس كما ان هذه السلطة مطلقة خالصة من حيث المحاسبة لأنه يمارسها باعتبارها حق ثابت له , و هو في الغالب ملك لتوليه الحكم عن طريق الميراث .
لتركيز السلطة مظاهر متعددة فالملك او الرئيس هو الذي يقود الجيوش و هو الذي يفرض النظام و اليه يعود الافراد في شكاواهم ينظر فيها باعتباره القاضي الاول في الجماعة . عندما اتسع نطاق الجماعة بقي الاختصاص القضائي بشكل غير مباشر خاص بالرئيس من خلال تعيينه للقضاة و حكمهم في المنازعات باسمه باعتبار ان ولايتهم للاختصاص مستمدة من ارادته بتعينهم فهم نواب عنه في ممارسة اختصاصه القضائي .
نلاحظ وجود محاولات متعددة لتهذيب هذا التوجه و قد انصبت هذه المحاولات بشكل اساسي على مفهوم السلطة المطلقة ؛ اما من خلال افتراض ان اصل السلطة التي يتولاها الحاكم هي ارادة افراد الجماعة و هذا التفسير يقود الى حق الجماعة في محاسبة الرئيس على اسلوب ممارسته لاختصاصاته و هذا نجده في الجماعات التي تبنت فكرة الديمقراطية . مبدأ الشورى في فكر القانون العام الاسلامي قدم من جانبه حلا يسمح بتقليل اثار اطلاق السلطة لدى رئيس الدولة من خلال وجوب رجوع الحاكم للجماعة او للنخبة منهم ( اهل الحل و العقد او الخواص ) قبل اتخاذ القرار او حقهم في مراجعته بعد اتخاذ القرار علما ان هذا التوجه عند من يقول بان الشورى غير ملزمة للحاكم من حيث انفاذ فحواها يقلص اثر هذه الرقابة .
اما مفهوم تركيز السلطة فقد بقي اكثر صمودا من مفهوم اطلاقها سواء كان ذلك في الشرق ام في الغرب و تفسير ذلك راجع لعدد من الامور منها قلة اختصاصات الرئيس و بساطتها في بداية نشأة الجماعات السياسية و هذا ساعد على صمود تركيز السلطة فيه , فمفهوم الدولة الحارسة و هو المفهوم الاقدم لوظائف الدولة لا يقتضي تنظيما معقدا للسلطة بالإضافة لذلك نعتقد ان ميل الجماعات الانسانية في بداياتها لتشخيص السلطة باعتبار ان ادراك المحسوسات اسهل لديها من ادراك المجردات[1] ساعد ايضا في تركيز السلطة في شخص الرئيس . و لعل مفهوم الخلافة و الامامة الكبرى او الولاية العامة و هي ذات ظاهر ديني ساعد في صمود الفكرة بشكل اضافي و استمرارها في البلاد ذات التقاليد الاسلامية [2]فالإمامة الكبرى " رئاسة عامة في الدين و الدنيا خلافة عن النبي صلى الله عليه وسلم و سميت كبرى تمييزا لها عن الامامة الصغرى و هي امامة الصلاة " وفق الموسوعة الفقهية الكويتية ( جزء 6 ص 216 ) و يقول عنها ابن خلدون في مقدمته بانها " هي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين و سياسة الدنيا فيه " . من المنطقي و الحال هكذا ان تتركز السلطة في يد الرئيس لان من يخلف رسول الله شخص واحد و لهذا الشخص ان ينقل جزء من هذه الولاية العامة لآخرين كي يمارسوها في مجال محدد كالقضاء , يعبر عن هذه الفكرة بشكل جيد احمد ابراهيم ابراهيم عند عرضه للولاية العامة في كتابه " احكام الاحوال الشخصية في الاسلام فيقول " هي ولاية الامام الاعظم على جميع الرعية و كذا ولاية السلطان و يندرج فيها ولاية القاضي المأذون له بذلك لانه نائب الامام و السلطان " [3]. الاشارة السابقة مجرد مثال لان الفقه المنكر لحق تولي المرأة للقضاء يستند الى هذه الفكرة عادة علما بان تركيز السلطة في رئيس الدولة , بمعنى رجوع وظائف الدولة الثلاث اليه , لم يرد في نص ديني قطعي الثبوت قطعي الدلالة فتعبير الولاية التي هي لله تعالى و لرسول الله و للمؤمنين لم يرد في سورة المائدة , وفق اسباب التنزيل , لوصف اختصاصات الحاكم بل هو اقرب في معناه للمناصرة و المؤازرة .
مصطلح الولاية فقها ينصرف لوصف اختصاص مقرر لشخص يجعل تصرفاته لازمة في حق شخص او اشخاص اخرين و المصطلح يستخدم في علاقات القانون الخاص و يسمونه ولاية خاصة و في علاقات القانون العام يسمى ولاية عامة . استخدام مفاهيم القانون الخاص و نقلها لوصف علاقات القانون العام امر دارج في الماضي و منطقي لان البحث في فقه القانون العام لاحق في وجوده على فقه القانون الخاص . و استخدام مفاهيم القانون الخاص لوصف علاقات القانون العام ليس خاصا بفقهاء الشريعة الاسلامية ففي بدايات فقه القانون المعاصر تم استخدامه في عدد من المسائل مثل استخدام فكرة عقد العمل او الوكالة احيانا لوصف علاقة الموظف بالإدارة و تكييف علاقة الناخب بعضو البرلمان بأنها وكالة تنطبق عليها احكام القانون الخاص في بدايات نشأة الديمقراطية النيابية و هو الامر الذي تم هجره من بعد ذلك عندما كشف تطور ممارسة الديمقراطية النيابية عن عدم منطقية الاخذ به لان نتائجة تجرح مفهوم وحدة الامة و تتعارض مع مفهوم وحدة الدولة لذلك تم العدول عنه و تم تبني نظرية النيابة الالزامية كأساس لعلاقة الناخب بعضو البرلمان .
استنادا على ما تقدم نحن نعتقد ان مفهوم الولاية العامة نشأ عن استعارة مفهوم الولاية على النفس و الولاية على المال لوصف اختصاصات الحاكم و هو امر كان منطقيا في بدايات نشأة فقه القانون العام الاسلامي لان سنن التطور تتبع هذا النسق و لكن المصطلح مع المفهوم المرتبط به استمر في وجوده بالرغم من زوال مبررات وجوده و هذا الواقع يجد تفسيره في ضمور الاجتهاد الفقهي و لانفصال البحث الفقهي عن الواقع السياسي و الاجتماعي .
نخلص مما سبق الى ان ربط رئاسة الدولة بمفهوم الولاية العامة و التي هي بدورها مرتبطة بالخلافة قاد الى نتيجة اساسية و هي تركيز السلطة و قاد لنتيجة عرضية اساسها اجتماعي ثقافي [4]و هي حصرها في الذكور و نلاحظ في هذا الصدد ان بعض الفقهاء المعاصرين لم يعد يشترط الذكورة في رئيس الدولة استنادا لواقع عدم وجود الامامة الكبرى او الخلافة من حيث الواقع[5] و هؤلاء يقولون بجواز ولاية المرأة القضاء لذات السبب . تركيز السلطة و قصرها على الذكور قاد جمهور الفقهاء منطقيا الى القول بعدم جواز ولاية المرأة للقضاء باعتبار انه مشتق من الولاية العامة و الامامة الكبرى لان الذكورة شرط فيها [6]حسب قولهم .
بداية انفصال السلطة عن اصلها الديني في اوربا كان مع نهاية العصور الوسطى و قد ساعد هذا التحول مقرونا بظهور دعوات التنوير في ايجاد حل جيد لمشكلة تركيز السلطة . برز هذا الحل في التحليل الذي طرحه مونتسكيو في كتابه روح القوانين الذي وضعه عام 1748 . انطلق هذا التحليل من تقرير وجود وظائف ثلاث للدولة يلزم على الدولة القيام بها و هي تبرر وجودها ؛ وظيفة التشريع و وظيفة التنفيذ و وظيفة القضاء . و هو يرى بان تركيز السلطة مفسدة و الحل عنده ان ينشأ جهاز خاص بكل وظيفة و تعدد الاجهزة يسمح لكل منها ان تراقب الاخرى و تحد من ميلها للاستبداد . لم يقد تحليل مونتسكيو لمواجهة تركيز السلطة فحسب و لكنه قاد - بالنسبة لموضوعنا - لتحويل القضاء لجهاز مستقل عن الحاكم يرتبط وجوده بوظيفة يشبع من خلالها حاجة عامة لازمة للجماعة و هي اقامة العدل و فض المنازعات وفق القانون [7]. و القاضي يمارس اختصاصه وفق مبدأ الفصل بين السلطات استنادا لما يقرره الدستور من اختصاص مناط بالسلطة القضائية و ليس بتفويض من رئس الدولة و رئيس الدولة من جانبه يمارس اختصاصات حددها له الدستور لا يستطيع ان يفوض فيها او ينيب إلا في الحدود المقررة في الدستور .
اخذ الدستور الكويتي بمبدأ الفصل بين السلطات في المادة 50 " يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات مع تعاونها وفقا لأحكام الدستور ولا يجوز لأي سلطة منها النزول عن كل أو بعض اختصاصها المنصوص عليه في هذا الدستور " و انشأ اجهزة عضوية لوظائف ثلاث تقوم بها الدولة و سمى هذه الاجهزة سلطات ربطا بالوظائف المحددة لها ( التشريع والتنفيذ و القضاء ) و افرد لكل سلطة فصلا من فصول الباب الرابع الخاص بالسلطات فخصص الفصل الخامس من الباب الرابع للسلطة القضائية [8].
بحث الاطار الدستوري لولاية القضاء و علاقته بتولي المرأة وظيفة القضاء يقود لمحاولة تحديد مفردات هذا الاطار و النظر بعلاقتها بموضوع تولي المرأة له . نلاحظ في هذا الصدد ان الدستور لم يعرض صراحة لمسألة تولي المرأة للقضاء و هو قد ترك للقانون تحديد الاحكام الخاصة بالقضاة كما تقرر المادة 163 و تنص على انه " لا سلطان لأي جهة على القاضي في قضائه، ولا يجوز بحال التدخل في سير العدالة، ويكفل القانون استقلال القضاء ويبين ضمانات القضاة والأحكام الخاصة بهم وأحوال عدم قابليتهم للعزل. "
الاحالة للمشرع العادي لا تعني اطلاق يده في ان يفعل ما يشاء كما يشاء بل عليه ان يضع من التنظيم ما هو لازما لترجمة النص الذي اتى لتفعيلة دون ان يكون تشريعه مخالف لنص اخر في الدستور الا في حدود ما يقيده النص محل التنفيذ من عموم النصوص الاخرى .
وفق قرار صادر عن مجلس القضاء تم قبول 22 من خريجات كلية الحقوق عام 2013 في معهد الدراسات القضائية للعمل بعد ذلك في سلك النيابة العامة. الدخول في سلك النيابة يقود بحسب الواقع العملي للوصول لسلك القضاء [9]وهذا الواقع ينطلق منه المعارضون لتولي المرأة القضاء لتعويق دخولها في سلك النيابة المعتاد او المطالبة بقصر عملها على انشطة بذاتها تبريرا لعدم دخولها سلك القضاء في وقت لاحق .
بحث الاطار الدستوري لولاية المرأة للقضاء يقتضي النظر في القانون المنظم للعمل القضائي لاستنباط موقفه لانه هو المكلف بتنظيم الاحكام الخاصة بالقضاة كما هو مقرر في المادة 163 من الدستور و ايضا بحث موقف الدستور من مبدأ المساواة و من تطبيق احكام الفقه الاسلامي وفق الحدود المقررة في المادة الثانية من الدستور ثم من بعد ذلك النظر في موقف القضاء من الموضوع .
اولا : احكام القانون الكويتي في تولي القضاء :
تقرر المادة 19 من قانون تنظيم القضاء ( مرسوم بقانون رقم 23/ 1990 ) انه يشترط في من يتولى القضاء :
أ- أن يكون مسلما .
ب- أن يكون كويتيا ، فإن لم يوجد جاز تعيين من ينتمي بجنسيته إلى احد الدول العربية .
ت- أن يكون كامل الاهلية غير محكوم عليه قضائيا او تأديبيا لامر مخل بالشرف و الامانة .
ث- أن يكون محمود السيرة حسن السمعة .
ج- أن يكون حاصلا على إجازة الحقوق أو الشريعة أو ما يعادلها من الاجازات العالية .
و تقرر الفقرة الاخيرة من المادة 61 انه تسري في شأن اعضاء النيابة لبعامة كافة الشروط المقررة بالنسبة للقضاة المبينة في المادة 19 المشار لها .
والذكورة او الانوثة ، على مايقرر النص السابق ، ليست من الشروط المقررة في تولي القضاء وفق القانون الكويتي . و ورود تعبير " رجال القضاء " في المادتان 20 و 23 من ذات القانون لايفيد حصر التعيين في الذكور لانهما لا تنظمان الموضوع محل البحث ، و إن كانت لهما دلالات ثقافية ، فمن يكتب نص القانون يتأثر بالموروث الثقافي لمجتمعه . وقرن مهن او أعمال او انشطة محددة بجنس بذاته امر شائع في كثير من المجتمعات وهو ينعكس على اللغة (رجال الدولة ، رجال الدين ، رجال القانون ... ) ويمتد لصياغة القانون احيانا ، فالقانون 36/ 1982 ورد في عنوانه " في شأن رجال الإطفاء " و المادة الثالثة من قانون الانتخاب تنص على انه " يوقف استعمال حق الانتخاب بالنسبة إلى رجال القوات المسلحة و الشرطة . " و مع ذلك فقد فسرت الادارة النص على انه وقف لحق الانتخاب بالنسبة " لرجال الشرطة " من الذكور و الإناث .
و إذا كان القانون لم يشترط الذكورة او الانوثة في من يتولى القضاء فهل يجوز للسلطة المختصة بتعيين القضاة او الجهة المختصة بإعدادهم تقرير هذا الشرط دون ان تكون قد اخلت ، بشكل غير مبرر، بمبدأ المساواة ؟
ثانيا : مبدأ المساواة :
يقرر الدستور الكويتي مبدأ المساواة في موضعين فالمادة 7 تنص على ان " العدل و الحرية والمساواة دعامات المجتمع الكويتي ، و التعاون و التراحم صلة وثقى بين المواطنين " و هذه المادة تقع في الباب الثاني من الدستور " المقومات الاساسية للمجتمع الكويتي " و هو يتضمن تحديديا للفلسفة الاقتصادية و الاجتماعية التي يتبناها الدستور كما يتضمن توجيها للمشرع للتدخل لتوفير سبل المساواة الفعلية للمواطنين . اما المادة 29 فإن نصها " الناس سواسية في الكرامة الانسانية ، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق و الواجبات العامة لاتميييز بينهم في ذلك بسب الجنس أو الاصل او اللغة او الدين . " و هذه المادة تقع في الفصل الثالث " الحقوق و الواجبات العامة " و احكام هذا الفصل منقولة بتصرف عن الاعلان العالمي لحقوق الانسان . اذا الدستور الكويتي يقرر مبدأ المساواة بصورتيه المعروفتين ؛ المساواة بالقانون و المساواة امام القانون . و النظام القانوني للمساواة يجد إسنادا إضافيا في حكم المادة 25 من العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية الذي صدقت عليه الكويت بالقانون رقم 12/ 1996 ، و هي تقرر " يكون لكل مواطن ، دون اي وجه من وجوه التمييز المذكورة في المادة2 ، الحقوق التالية ، التي يجب ان تتاح له فرصة التمتع بها دون قيود غير معقولة :
أ- ..............
ب- ................
ج - أن تتاح له ، على قدم المساواة عموما مع سواه ، فرصة تقلد الوظائف العامة في بلده . "
و نلاحظ ان الفقرة ج ليست محلا لتحفظ من دولة الكويت كما ان التحفظ على حكم المادة الثانية قد اتى في الالتزام بتطبيقها في الحدود المقررة بالقانون الكويتي فقط ، لان القانون الكويتي آنذاك كان يقصر حق الانتخاب السياسي على الذكور دون الاناث بالمخالفة لحكم الدستور ، و هذا التحفظ لم يعد ذي محل .
الى جوار العهد الدولي المشار له و هو يشكل اساسا عاما في تقرير حقوق الانسان فان الكويت صدقت على اتفاقية متخصصة في موضوع المرأة و هي اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة ( سيداو ) و تم التصديق عليها بموجب المرسوم 24/1994 الصادر بتاريخ 17/1 /1994 و المادة 11 من الاتفاقية المذكورة تقرر مبدأ المساواة في حق العمل و تولي الوظائف العامة .
و المحكمة الدستورية في الكويت تقرر بان التمييز بين من تتماثل مراكزهم القانونبة غير جائز ، و في الاحكام 17/2006 و 4و 7/2007 تؤكد المحكمة المبدأ السابق و تضيف له فكرة التمييز المباح او التمييز القائم على اسباب موضوعية ، ويمكن تحديد عناصر إجازة هذا التمييز بالعناصر التالية :
- المصلحة العامة ، المبررة للتمييز ، يجب ان تكون متصلة مباشرة بمقاصد التشريع و لازمة لتحقيق هذه المقاصد .
- يجب ان لاتكون هذه المصلحة ممنوعة بنص اعلى من النص الذي قررها .
و المثال الموضح لهذه الفكرة ، وهي معروفة على مستوى القضاء المقارن و مقررة في المدة 25 من العهد الدولي المشار له سابقا ، منع القضاة من التر شيح في الإنتخابات السياسية و هو منع مخل بمبدأ المساواة و لكنه جائز لإتصاله المباشر بتحقيق مصلحة مشروعة يبتغيها المشرع و هي ضمان رقابة محايدة على العملية الانتخابية .
نلاحظ ان المحكمة في القضية 2492/ 2009[10], و قد كانت تنظر في منازعة تتصل برفض طلب تقدمت به خريجة قانون تود الالتحاق بدورة لاعداد وكلاء النيابة ينظمها معهد الدراسات القضائية , لم تبني حكمها برفض الطعن على اساس وجود سبب يقود لجواز التمييز وفقا لمعيار التمييز المباح بل قدمت معيارا جديدا في الموضوع وهو حق سلطة التعيين في اختيار ما تراه من اقوال فقهاء الشريعة الاسلامية فلها ان تأخذ بقول من يقول بجواز تولي المرأة القضاء كما ان لها ان تأخذ بقول من يرى عدم جواز تولي المرأة منهم , والمحكمة تسند هذه السلطة التقديرية للمادة الثانية من الدستور .
ثالثا : اختيار الاحكام الفقهية وفق المادة الثانية من الدستور :
عندما تقدمت الحكومة بمشروع الدستور الذي اعدته كانت صياغة المادة الثانية من الدستور "دين الدولة الاسلام ، و الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع " فعدلت لجنة الدستور هذا النص كي تصبح الفقرة الثانية " و الشريعة الاسلامية مصدر رئيسي للتشريع " و اضاف المشرع الدستوري احكام اخرى في الموضوع وردت في المذكرة التفسيرية للدستور ، وهي ملزمة في الكويت ، و الاحكام المضافة هي :
- المقصود باحكام الشريعة الفقه و بهذا يخرج عن اطار النص مسائل العبادات و الاعتقادات و هذا الاستبعاد منطقي فليس من وظائف الدولة و مبررات وجودها تحديد معتقدات الناس او اسلوب عبادتهم و على كل حال فحرية الاعتقاد مطلقة .
- المختص بتقنين الاحكام الفقهية هو المشرع العادي و هو يختار منها ما يلائم مصالح الناس و احتياجاتهم و عليه فلا يوجد مذهب رسمي تلتزم الدولة بحمل الناس عليه كما ان تحويل احكام الفقه الى قواعد قانونية ملزمة من اختصاص المشرع فقط .
- لايمنع النص من اخذ المشرع باحكام من خارج الفقه الاسلامي مادامت مصالح الناس و الدولة تقتضي ذلك .
- لايسع المشرع العادي ان ياخذ من احكام الفقه ما يتعارض مع نصوص الدستور الاخرى .
و المعاني السابقة مقررة في حكم المحكمة الدستورية رقم 3/ 1992 الصادر بتاريخ 28/11/ 1992 ، وقد اعادت المحكمة الدستورية تاكيد المبادئ السابقة في حكمها رقم 20/ 2009 ( طعون انتخابية ) بتاريخ 28/10/2009 وقد أصلت المحكمة الموضوع ورتبت نتائج منطقية فيه فقررت مثلا ؛ ان إحالة المشرع العادي لاحكام الشريعة الاسلامية لا يترتب عليه خطاب تشريعي ملزم للمكلفين ، مادام النص لا يحتوي بذاته عناصر التكليف بشكل واضح ، وعليه فلا يجوز ان يترك امر اختيار احكام الفقه او الترجيح بينها لمن يطبق النص . و إذا تعددت الافهام والتفسيرات بشأن نص من النصوص فيجب اختيار ما يتسق مع احكام الدستور و ترك ما يتعارض معه .
و نلاحظ في هذا الصدد ان بعض المفاهيم الفقهية المتداولة في مسألة تولي المرأة القضاء و اهمها مفهوم الولاية العامة [11]تحتاج لوقفة متأنية و منهجية . فلو توقفنا امام مفهوم الولاية العامة و هو شكل من اشكال تركيز السلطة سنجد ان القول بالولاية العامة كأساس لولاية القضاء يقود منطقيا الى التشكيك باستقلال القضاء فضلا عن تعارضه مع مبدأ دستوري اساسي و هو مبدأ الفصل بين السلطات على النحو المذكور سابقا.
ومن بعد هذا العرض و على ضوئه نعرض لموقف القضاء الكويتي .
رابعا موقف القضاء : صدور الحكم في الدعوى 2492/ 2009 فتح الباب امام القضاء الكويتي للتعامل مع ولاية المرأة القضاء و اصبح امام الباحث عددا من الاحكام يكشف عن رؤى قضائية متعددة تستحق ان تكون محلا للرصد و البحث [12]. تتلخص وقائع الدعوى المشار لها بأن وزارة العدل اعلنت عن فتح باب القبول ، امام خريجي كلية الحقوق من الكويتيين ألذكور للالتحاق بمعهد الدراسات القضائية ، ومن يقبل و يجتاز برنامج الاعداد يتم تعينه في سلك النيابة العامة و هو ما يسمح في وقت لاحق بإمكان تعيينه في سلك القضاء . وقد تقدمت المدعية بأوراقها للمعهد فرفضت الادارة قبول استلام اوراقها فقدمت تظلما امام الادارة كما انها تقدمت بصحيفة دعوى امام دائرة رجال القضاء و النيابة بمحكمة التمييز للطعن بالقرار السلبي بعدم قبول فحص طلبها للإلتحاق بمعهد الدراسات القضائية ولكن إدارة الكتاب في المحكمة امتنعت عن قيد صحيفة دعواها . ومن بعد ذلك تقدمت امام الدائرة الادارية في المحكمة الكلية طاعنة بالقرار الاداري السلبي برفض قبول استلام طلبها . وتقدمت الحكومة بدفاع جوهره ان اراء فقهاء الشريعة تتباين في جواز ولاية الانثى للقضاء فالجمهور لا يجيز ذلك لإرتباط ولاية القضاء بالولاية العامة وهي عندهم مقصورة على الذكور اما بعض الحنفية فيجيزها في ماتصح شهادة المرأة فيه و اتجاه ثالث يري جواز تولي المرأة للقضاء بالمطلق قياسا على جواز فتواها . و يخلص دفاع الحكومة من ذلك الى حق الادارة بالاخذ بما تراه من هذه الاراء دون ان تكون قد اخلت بمبدأ المساواة مادامت المادة الثانية من الدستور تقرر ان دين الدولة الاسلام و ان الشريعة الاسلامية مصدر رئيسي للتشريع .
اذا كان موضوع قبول الفتيات في وظيفة باحث قانوني تمهيدا لالتحاقهن بسلك النيابة العامة , بحسب ظاهر الحال , قد تم حسمه فان قراءة الاحكام القضائية المشار لها تجعلنا امام توجهين في مسألة جواز ولايتها القضاء في وقت لاحق .
التوجه الاول [13]: يسجل هذا التوجه ان المادة 19 من قانون تنظيم القضاء لم يرد فيها صراحة جواز ولاية المرأة القضاء فالمادة المذكورة لا تشترط ان يكون القاضي من الذكور او من الاناث . ثم من بعد ذلك يقرر ان وجود المادة الثانية من الدستور يقود لعقد السلطة التقديرية للإدارة حال عدم وجود إرادة تشريعية صريحة . اذا وجود اراء في فقه الشريعة الاسلامية تقرر عدم جواز تولي المرأة القضاء يسمح للإدارة و للقاضي بتقييد اصل مبدأ المساواة المقرر بالدستور . و نعتقد ان الاخذ بهذا التوجه ينتهي عمليا الى انكار ان مبدأ المساواة اصل عام لان عدم تخصيص المرأة في الحكم يساوي عندهم عدم شمولها به فالقول بان المساواة اصل عام يقود منطقيا باعتبارها اصل للقول بوجوب الاخذ بها عند عدم وجود نص مماثل ينقض المبدأ او حكم يخصص من عمومه .
يستشهد هذا التوجه بموقف المشرع في القانون المدني عندما جعل للقاضي ان ياخذ باحكام الفقه الاصلح حال عدم وجود نص في القانون يمكن انزال حكمه على الخصومة المعروضة على القاضي و هو يستشهد بهذا الحكم لانه يعتبر ان عدم وجود تخصيص للمرأة بحكم في موضوع الشروط الخاصة بالقاضي يساوي عدم وجود حكم في الموضوع .
ينتهي هذا التوجه الى ان ولاية المرأة القضاء امر يحسمه المشرع و السلطة التنفيذية كما تم حسم موضوع ممارستها لحقوقها السياسية .
التوجه الثاني [14]: و هو الاحدث وفق تسلسل الاحداث . القضاء هنا يرجع لمبدأ المساواة اعتباره الاصلي فهو مبدأ عام واجب التطبيق عند عدم وجود قيد صريح يحد من تطبيقه و لذلك فان خلو نص المادة 19 من تحديد لجنس من يلي القضاء يعني عدم جواز افتراض ان التعيين مقصور على الذكور . في تطبيق احكام المادة الثانية من الدستور لا يسوغ للمشرع ان يخالف الدستور عند اختياره لاجتهاد فقهي و هو امر بطبيعة الحال ممنوع على القضاء . كما ان القانون المدني لا يفتح الباب امام القاضي لاختيار احكام الفقه الا عند خلو التشريع الوضعي من حكم مقرر فيه يمكن للقاضي الوصول له . علما بان مبدأ المساواة و الحق في العمل حكم يقرره القانون الكويتي في الدستور و في الاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها الكويت فأصبحت جزأ من النظام القانوني الكويتي كما تقرر المادة 70 من الدستور .
يلاحظ القارئ و هو بصدد مطالعة الاحكام المذكورة :
- ان تعدد الاستنباطات و تباين التحليلات داخل الجسم القضائي هو الطريق لتطور الاجتهاد و هو امر يحسب للقضاء باعتباره مؤشرا على حيويته .
- ان قضاء الدرجة الاولى ، بحسب الاصل , لا يكتفي بتبني احكام المحاكم الاعلى درجة بل يتصدى للمسائل المعروضة عليه بالبحث و التحليل فان قاده اجتهاده للوصول لرأي لم يقل به قضاء الاستئناف فهو يصدع برأيه و المحكمة الكلية قدمت مثالا جيدا في هذا الصدد في حكمها بالدعوى 3134/2011 و قدت ايدت محكمة الاستئناف هذا الاجتهاد في حكمها المقيد بالجدول برقم 1844/2012 .
- البحث في الموضوع قاد القضاء لتأصيله بشكل جيد و حكم محكمة الاستئناف رقم 1737/2012 يتضمن تأصيلا ممتعا من ناحية الفكر القانوني .
في نهاية المطاف نعتقد ان ولاية المرأة للقضاء لا تتعارض مع الدستور و لا مع القانون و لا مع نص قطعي الثبوت قطعي الدلالة في الاسلام ولكن الامر راجع لحاجز ثقافي اجتماعي و هذا الحاجز ليس قويا بدلالة موقف المجتمع من ممارسة المرأة للعمل السياسي فقد كنا نسمع ان الكوارث سوف تحل بنا ان مارست المرأة الترشيح و الانتخاب لأنهما متصلان بالولاية العامة ثم مارستهما المرأة ولم تمنع هذه المشاركة من استمرار العملية السياسية كما لم تمنع هذه المشاركة من كان يقول بعدم جوازها من المشاركة . و نعتقد ان عمل القضاء يحتاج لقدرات و مهارات و معارف من الممكن ان تتوافر في الذكر كما في الانثى . كما نعتقد ان التعدد الجنسي في هيئة القضاء تزيده ثراء لان القضاء بالنهاية يتعامل مع الانسان الذكر و الانسان الانثى .
[1] في هذه المسألة نجد تشابها بين الجماعة و الانسان الفرد فالإنسان في مرحلة الطفولة او عند قلة الاعتياد على المفاهيم يصعب عليه ادراكها بدون تجسيد و لذلك فان تعليم الحساب بالنسبة للناشئة يمر اولا بالتجسيد فتفاحة و تفاحة ينتج عنهما تفاحتان اسهل ادراكا بالنسبة للطفل من 1+1=2 لان الارقام قيم مجردة و كذلك طرح القيم مثل العدالة و الخير بالنسية لغير المشتغلين بهذه المواضيع و المعتادين على التعامل معها يتم من خلال امثلة تجسد الفكرة .
[2] الاصل الديني للسلطة الزمنية في الاسلام محل نقد و انكار من بعض المفكرين الاسلاميين مثل الشيخ على عبد الرازق في كتابه الاسلام و اصول الحكم الصادر عام 1925 . جمهور الفقهاء ينتقد هذا التوجه و يتمسك بالأصل الديني لسلطة الرئيس ( خليفة الرسول ) على الاقل كصورة مثالية منشودة و مأمول الوصول لها . و نحن في المتن لا نبحث في سلامة أي من التوجهين و لكننا نرصد واقعا فكريا نعتقد انه الاساس الاهم لتركيز السلطة في رئيس الدولة عند جانب كبير من فقه القانون العام الاسلامي .
[3] ذكره جودت عبد طه المظلوم , حق المرأة في الولاية العامة في ضوء الشريعة الاسلامية , الجامعة الاسلامية بغزة , بحث لنيل درجة الماجستير باشراف د. زياد مقداد , 2006 , ص 15 .
[4] نلاحظ ان السند الاساسي للقول بعدم جواز تولي المرأة الرئاسة العامة هو الحديث المروي عن ابو بكرة بعدم فلاح القوم الذين ولو امرهم امرأة و راوي الحديث ذكره في معرض تبريره لعدم المشاركة في حرب الجمل . حمل هذا الحديث على هذا المحمل – عدم جواز تولي المرأة الرئاسة العامة - يحتاج الى وقفة فهذا الحديث عقلا لم يتم الاسرار به للراوي و لو فهمه الصحابة , ممن سمعوه او علموا بأمره و حضر واقعة الجمل , كما فهمه الراوي لفعلوا فعله و هذا يرجح ان للحديث دلالات متعددة اخرى مثل الاخبار عن عدم فلاح قوم كسرى او ان المقصود منه تحفيز المسلمين في حربهم و لعل الدلالات الاخرى ارجح .
[5] جودت المظلوم ص39 و هو يذكر منهم د.محمد سيد الطنطاوي و د. محمد الغزالي . انظر ايضا موقع البيان على الانترنت تحت مادة تولية المرأة الولاية العامة , تحرير خالد عقدة , و يذكر في نفس الاتجاه ايضا د. يوسف القرضاوي و د. علي جمعة .
[6] الى جوار الجمهور هناك اراء فقهية قديمة تجيز ولاية المرأة القضاء جزئيا فيما تصح فيه شهادتها و قال بذلك الحنفية كما ذهبت اراء اخرى الى جواز ولايتها مطلقا قياسا على جواز ولايتها للفتوى و هو قول ابن حزم الظاهري .
[7] نلاحظ ان الدساتير , ملكية كانت ام جمهورية , لا تزال متأثرة بتقاليد الماضي فلا تزال الاحكام القضائية تصدر باسم الملك في الدول الملكية و في الدول ذات النظام الجمهوري تصدر الاحكام باسم الشعب لعدم وجود الملك . مثل هذا الربط يتعارض منهجيا مع اناطة الوظيفة القضائية بسلطة مستقلة اساس وجودها مبدأ الفصل بين السلطات و مع ذلك فان اثر التقاليد القديمة على صياغة النصوص يجد له امثلة اخرى كتقرير ان رئيس الدولة هو القائد العام للجيش و القوات المسلحة . و الاحكام السابقة تظل في اطارها الخاص وهو تخليد تقاليد ماضية و لا تصلح ان تكون اساسا يبنى عليه لتقليص احكام مبدأ الفصل بين السلطات .
[8] اتى الفصل الاول مخصصا للاحكام العامة و الثاني لرئيس الدولة اما الثالث فخاص بالسلطة التشريعية و الرابع بالسلطة التنفيذية .
[9] علما بان قانون تنظيم القضاء وفق المادة 63 لا يسمح بالانتقال بين السلكين الا بمرسوم يصدر بعد موافقة من مجلس القضاء .
[10] اطلق هذا الحكم نقاشا واسعا و ايدته محكمة الاستئناف في حكمها الصادر بتاريخ 23/12/2012 و اضافت بان مسلك محكمة اول درجة يمكن ان يجد له سندا اضافيا في موقف القانون المدني الذي ترك للقاضي حرية اختيار حكم مقرر في فقه الشريعة الاسلامية لإنزاله على الواقعة المطلوب الحكم فيها حال خلو نص القانون من حكم خاص بها . و الى جوار هذه الاحكام نجد ان القضاء الكويتي اصدر على مستوى اول درجة و في الاستئناف احكاما تقرر احقية خريجات الحقوق بالتقدم لوظيفة باحث قانوني مبتدئ تمهيدا للالتحاق بسلك النيابة العامة ( الدعوى 3134 /2011 و احكام الاستئناف 1844/2012 بتاريخ 20/1/2013 و الاستئناف 1737/2012 بتاريخ 20/1/2013 ) و لم يصدر بعد عن محكمة التمييز حكم في الموضوع .
[11] هذا المفهوم كان يستخدم بكثافة لمعارضة تولي المرأة حق الانتخاب و الترشيح السياسي و لكن بعد ان تم تقرير هذين الحقين لم يعد مفهوم الولاية العامة مانعا من ممارسة المرأة لحقوقها السياسية حتى لمن كان يقول بعدم الجواز .
[12] بالإضافة للأحكام التي ذكرناها وكان موضوعها طعن بقرار الادارة بقصر الاعلان عن وظيفة باحث قانوني مبتدئ على الذكور , تم تقديم الطعن 2472 /2011 و كان محله قرار رفض سلبي مفترض نتيجة تقديم طلب من سيدة من القانونيات متوافرة فيها الشروط المقررة في المادة 19 من قانون تنظيم القضاء, كان طلب الطاعنة هو تعيينها كأول قاضية كويتية و لم ترد الادارة على الطلب المذكور . رد القضاء على هذا الطعن كان منطقيا لان القرار الاداري السلبي غير موجود من الناحية الفنية في المسألة محل البحث . فمن يدير المرفق , سواء في اطار السلطة التنفيذية او القضائية , يملك السلطة التقديرية في اختيار الوقت الملائم لإصدار القرار و لا ينسب القرار السلبي للإدارة إلا اذا كان من الواجب عليها اصداره و لم تصدره . مع اعتقادنا بسلامة النتيجة التي وصل لها الحكم الا اننا لا نعتقد بسلامة بعض الاسباب التي استند اليها فضلا عن عدم حاجة المحكمة لإثارتها . يبدو ان المحكمة في هذا الحكم كانت متأثرة بموقف القضاء في الحكم في الدعوى 2492/2009 المؤيد بالاسئناف رقم 762/2010 و هي تشير لهذه الاحكام علما بان الحكم محل العرض قد ايدته محكمة الاستئناف في حكمها 1281/2012 دون ان تعرض لمسألة السلطة التقديرية في اختيار احكام الشريعة الاسلامية مكتفية بالأسباب المتصلة بطبيعة القرار الاداري السلبي على ما نعتقد .
[13] الاحكام التي اطلعنا عليها في هذا التوجه هي ؛ الحكم في الطعن 2492/2009 المؤيد بالاسئناف رقم 762/ 2010 و الطعن 2472 /2011 .
[14] الدعوى 3134 /2011 و احكام الاستئناف 1844/2012 بتاريخ 20/1/2013 و الاستئناف 1737/2012 بتاريخ 20/1/2013 .