الانتخاب و الحجاب

الأبحاث المنشورة

عدد القراءات: 1293


  د. محمد الفيلي
 
تقرر الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من قانون الإنتخاب " و يشترط للمرأة في الترشيح و الإنتخاب الإلتزام بالقواعد و الأحكام المعتمدة في الشريعة الإسلامية " وهو ما يعرف بوسائل الإعلام "بالضوابط الشرعية" أو "الحجاب في الإنتخاب" و النص محل البحث يوجب على المرأة في الترشيح و الإنتخاب الإلتزام بالقواعد و الأحكام المعتمدة في الشريعة الإسلامية فهل عبارة "في" تنصرف إلى وقت الإنتخاب؟؟ و لذلك يلزم على المرأة الأخذ بكل الأحكام المعتمدة في الشريعة الإسلامية متى كان الخطاب فيها ينصرف للمرأة على وجه الخصوص أو وجه العموم ام ان "في" تنصرف إلى الأحكام المعتمدة في الشريعة الإسلامية و الخاصة بالإنتخاب و الترشيح   ؟؟ في هذه الحالة يلزم تحليل طبيعة الإنتخاب و الترشيح لتحديد الأحكام المقررة في الشريعة الإسلامية في الموضوع .

ثم ماذا تعني عبارة "المعتمدة" هل هناك جهة ينعقد لها الإختصاص بالإعتماد ؟؟ أم أن الأمر يترك لإجتهاد  قاضي المنازعة؟و هل ينصرف تعبير "الشريعة الإسلامية" إلى الإعتقادات و العبادات و المعاملات؟ام هو ينصرف لبعض هذه العناصر؟؟وهل الوجوب السابق يعني اننا امام شرط من الشروط الواجب توافرها في الناخب و المرشح متى ما كان من النساء  ام هو شرط في عملية الإنتخاب و الترشيح؟؟




التساؤلات السابقة تكشف عن خلل في التشريع،فالتشريع هو خطاب ملزم للمكلفين مقرون بجزاء يتم إيقاعه على من يخل بالتكليف.ولا يجوز بطبيعة الحال عقاب المكلف عند عدم تحديد التكليف،بل إن عدم تحديد التكليف يفتح الباب أمام القول بعدم سلامة التشريع لغياب ركن من أركانه . و لعل الملاحظات السابقة هي التي تفسر سكوت جميع الأطراف عن طرحه بشكل جاد.نعم تصايح بعض الأعضاء لدى تعين وزيرة لا ترتدي الحجاب و قالو إن دخولها للمجلس كعضو يتعارض مع الضوابط الشرعية، و لكن هذه الأصوات سرعان ما خفتت دون ان تشير إلى واقع مشاركة ناخبات و مرشحات في الإنتخابات لا يرتدين الحجاب منذ صدور القانون بتاريخ 16-5-2005 . و موقف الإدارات الحكومية المشرفة على العملية الإنتخابية و كذلك المجاميع و  القوى السياسية المشاركة فيها يسمح بالإعتقاد بأن كل هذه الأطراف لم تكن ترى في مشاركة المرأة ، و على النحو الذي كانت عليه المشاركة،مخالفة لأحكام الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من قانون الإنتخاب. و لكن تقديم الطعن 20\2009 امام المحكمة الدستورية بشأن سلامة عضوية النائبتين د.أسيل العوضي و د.رولا دشتي  أثار الموضوع بشكل حاد،خاصة و إن الموضوع لا ينصرف أثره من الناحية العملية للنائبتين فحسب ،بل يمتد أثره لمجمل العملية الإنتخابية لمشاركة ناخبات لا يرتدين الحجاب في هذه الإنتخابات.نعتقد أن متابعة ظروف صدور النص مهمة  لمعرفه إرادة المشرع ، أو على الأقل فهم سبب غموض التشريع (أولا) كما أن صدور حكم المحكمة الدستورية في الدعوى 20\2009 يقدم أمامنا اجتهادا قضائيا في الموضوع يلزم الوقوف أمامه(ثانياُ) ثم من بعد لك يلزم بحث علاقة حكم النص المشار إليه بالدستور (ثالثاُ)

أولاً: الأساس التاريخي لنص
الى حين صدور القانون 17-2005 بتعديل المادة الأولى من القانون 35-1962 بشأن انتخاب اعضاء مجلس الأمة،كانت المرأة خارج دائرة الناخبين،إذ ان أن صدر المادة الأولى من قانون الإنتخاب قد ورد فيه أن "لكل كويتي من الذكور بالغ من العمر احدى و عشرين سنة ميلادية كاملة  حق الإنتخاب ....." و بالرغم من مخالفة الحكم السابق لعدد من أحكام الدستور و مجافاته لمنطق الأمور، إلا أن الأغلبية في البرلمان كانت رافضة لتعديله، كما أن التنظيم الذي اخذ به المشرع لقبول الدعوى الدستورية ،قاد إلى فشل احدى عشر محاولة للطعن  بعدم دستورية هذا الحكم من المادة الأولى من قانون الإنتخاب . و المعارضة لتعديل الحكم المشار له في المادة الأولى تستند إلى عدد من المبررات مثل: الطبيعة الخاصة للمرأة ، العادات و التقاليد،أحكام الشرعة الإسلامية . بعد التحرير زادت المطالبات بتعديل حكم المادة الأولى من قانون الإنتخاب ، لإزالة حرمان المرأة من حق الإنتخاب و قد انضمت الحكومة لهذا التوجيه.
في جلسة مجلس الأمة بتاريخ 16-5-1995 تقدمت الحكومة بطلب مناقشة مشروع قانون كانت قد تقدمت به به في وقت سابق(بموجب المرسوم 130\2004 بتاريخ 30-5-2004) و طلبت مناقشته و التصويت عليه بذات الجلسة عملاُ بالمادتين 98 و 181 من الائحة الداخلية للمجلس. و كشفت نتيجة التصويت على ادراج الطلب  على جدول اعمال الجلسة ، عن رجحان احتمالية وجود الأغلبية الازمة لاقرار التعديل ، ازاء هذا المؤشر لجأ المعارضون لتعديل القانون لتكنيك "الاغراق" من خلال تقديم كم كبير من اقتراحات التعديل على النص محل النقاش بهدف تأجيل التصويت ، املا بالتمكن من تغير عناصر الأغلبية و افشالها ، لذلك صدر قرار من المجلس بوجوب التصويت على النص المقترح في ذات الجلسة . بعد التصويت بالرفض على عدد من المقترحات الهادفة لإضافة تعديلات على النص المقنرح لتعديل بعض الأحكام الأخرى الواردة في قانون الانتخاب مثل تعديل سن الناخب إلى 18 و 19 و 20 عاماً و تخفيض فترة انتظار المتجنس و تقرير حق الانتخاب للعسكرين ، تقدم خمس عشر عضواً من المعارضين لتقرير  حق الإنتخاب للمرأة باقتراح  في الجلسة بإضافة عبارة "ويشترط للمرأة في الترشيح و الإنتخاب الإلتزام بالقواعد و الأحكام المعتمدة في الشريعة الإسلامية " و بعد التصويت بالموافقة على اضافة النص المقترح إلى النص الذي اقترحته الحكومة ،أصبح النص المقترح للمادة الأولى من قانون الإنتخاب هو "لكل كويتي بالغ من العمر احدى و عشرين سنه ميلادية كاملة حق الإنتخاب و يستثنى من ذلك المتجنس الذي لم تمضى على تجنيسه عشرون سنة ميلادية و فقاً لحكم المادة (6) من المرسوم الأميري رقم (15) لسنة 1959 بقانون الجنسية الكويتية.و يشترط للمرأة في الترشيح و الإنتخاب الالتزام بالقواعد و الأحكام المعتمدة في الشريعة الإسلامية" و عند التصويت على النص في شكله النهائي تم اقرار النص بأغلبية 35 صوتا و معارضة 23 عضواً و امتناع عضوا واحدا عن التصويت و كان من ضمن المعارضين لاقرار النص المعدل 14 عضواً ممن تقدمو باقتراح إضافة الفقرة الأخيرة  من المادة الأولى من قانون الإنتخاب . ظروف و ملابسات اقتراح الفقرة الأخيرة من المادة الاولى من قانون الإنتخاب . و موقف أغلبية المقترحين حين التصويت النهائي يسمع لنا بالإعتقاد بإننا امام نص وضع على عجل بغرض استخدامه كعنصر من عناصر المناورة السياسية الهادفة لتعويق تقرير حق الإنتخاب و الترشيح للمرأة.ومع اعتقادنا بما سبق فإن الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من قانون الإنتخاب قد أضحت جزءاً من القانون الكويتي، هي واجبة التطبيق ما لم تلغى بقرار من المشرع او بحكم بعدم دستوريتها يصدر عن المحكمة الدستورية ، ولكن تطبيق النص يستلزم تحديد معناه فلا يمكن إلزام المكلف بدون تحديد التكليف ، و إذا تعددت المعاني و كانت كلها سائغة وجب استبعاد ما كان منها على خلاف الأصل لانه استثناء و الإستثناء لا يفترض و لا يتوسع في تفسيره و مثال ذلك النصوص المقيدة للحريات و الحقوق و يأخذ نفس الحكم ما كان مخالفاً  للدستور ، فإذا كان النص محتملاً لأكثر من تفسير معقول فلا نأخذ بالتفسير المخالف لأحكام الدستور .

ثانياُ: موقف المحكمة  الدستورية
بعد صدور مرسوم الدعوة للانتخابات لانتخاب اعضاء مجلس الأمة القائم ، كان من ضمن المتقدمين للترشيح سيدات لا يرتدين الحجاب ، ولم يتم تقديم اي طعن بسلامة ترشيحهن و قد جرت الانتخابات بمشاركة ناخبات لا يرتدين لاحجاب . و بعد ظهور نتائج الإنتخابات تبين فوز سيدتين بعضوية مجلس الأمة لا يرتدين الحجاب و قد قدم احد المسجلين في الدائرة الإنتخابية الثالثة طعناً في سلامة عضوية النائبتين د.أسيل العوضي و د.رولا دشتي، و طلب الطاعن الحكم ببطلان قبول ترشيح المطعون ضدهما و بطلان اعلان فوزهما في الدائرة الإنتخابية الثالثة وعدم صحة عضويتهما بمجلس الأمة، و بياناُ لذلك قال ان قانون انتخابات اعضاء مجلس الأمه رقم 35\1962 المعدل بالقانون 17\2005 سمح للمرأة الكويتية بممارسة حقوقها السياسية في الترشيح و الإنتخاب اشتراطاً التزامها بالقواعد و الأحكام المعتمدة في الشريعة الإسلامية و انه من بين هذه القواعد لزوم حجاب المراة المسلمة و ادناء ثيابها عليها لإخفاء زينتها  عن الرجال من غير محارمها و انه فيما عدا الوجه و الكفين فإن جسد المرأة عورة و ان هذا الحكم هو حكم ثابت في الكتاب و السنة و اجماع الأئمة . و إذ تقدمت كل من المطعون ضدها الأولى و المطعون ضدها الثانية بطلب الترشيح لعضوية مجلس الأمة في الدائرة الثالثة في الإنتخابات التي كان محدداً لإجرائها يوم 16-5-2009 و سمح لهما بخوض هذه الإنتخابات ثم جرى اعلان فوزهما في تلك الدائرة على الرغم من مخالفتهما للشروط المفروض لتمتع المرأة الكويتية بحق الترشيح و اخلالها بالإلتزام الوارد بالمادة (1) من قانون الإنتخاب بعدم ارتدائهما الحجاب الشرعي الذي اوجبته احكام الشريعة الإسلامية الغراء، و بالتالي فإن أمر ترشيحهما و اعلان فوزهما في الإنتخاب و عضويتهما في مجلس الأمه يكون تباعاً لذلك مشوباُ بالبطلان تطبيقاً لحكم الشرع و اعمالاً لنص القانون لذا فقد اقام طعنه الماثل بوصفه ناخباً و كان مرشحاً في هذه الدائرة للحكم بالطلبات سالفة البيان . و قد ورد في الحكم المشار إليه أن الطاعن  قد اودع مع صحيفة الطعن حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية مما تتناوله الموسوعة الفقهية الصادرة عن وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية من بيان في خصوص لباس المرأة الشرعي وصورة ضوئية من فتوى صادرة عن وزارة الأوقاف بتاريخ 24-9-2006 و اخرى صادرة منها بتاريخ 26-9-2006 . و بعد أن أورد الحكم دفوع المطعون ضدها انطلقت المحكمة لتفسير نص القانون تمهيداً لإنزال حكمه على الواقعة محل النزاع . و لا حظت المحكمة غموض النص الوارد في قانون الإنتخاب فعبارة "نص الفقرة الأخيرة المشار إليها بالصيغة التي افرغ فيها جاءت مطلقة مجملة دون تحديد تعريف جامع يكون الضابط للمعنى و انه  و إن وردت العبارة بصيغة الشرط إلا أن جوهر الشرط يحمل في تفسيره أكثر من معنى و به خفاء في دلاة المراد منه  فمدلول (القواعد و الأحكام المعتمدة في الشريعة الإسلامية ) مدلول عام يستوعب احكام الدين جميعاً و ما يتصل منها بالعقيدة و الأخلاق و افعال المكلفين و تصرفاتهم و ما ورد منها بالكتاب الكريم و السنة النبوية الشريفة و ما يستنبط منها بالإستناد إلى الأدلة الشرعية الأخرى كما له مدلول خاص بمعنى الفقه الإسلامي الذي يقتصر على فهم و معرفة جزء من هذه الأحكام و هي الأحكام الشرعية العملية التي تخص افعال المكلفين و لا تدخل ضمن احكام العقائد و الأخلاق ، و لفظ (المعتمدة) الوارد بهذا النص قد يعنى الأحكام الفقهية في ثبوتها و في دلالتها كما قد ينصرف أيضا  إلى الأحكام التي تستنبط بطريقة الإجتهاد في نطاق الأحكام الظمنية بالإعتماد على الأدلة الشرعية المختلفة سواء المتفق عليها (كالقرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة) او المختلف بشأنها (كالاستحسان و العرف) متى قام الدليل على اعتبارها و كانت هناك مصلحة في اتباعها و فقا لما يقدره ولي الأمر  و قررت المحكمة بأن الأعمال التحضيرية  للنص لا تسمح بتقرير معنى واضح له . بعد أن وصلت المحكمة للنتائج السابقة سطرت عدد من المبادئ التي ترى وجوب الأخذ بها في حال غموض النص  و هذه المبادئ هي :
- إذا احتمل النص أكثر من معنى وجب حمله على المعنى الذي يجعله أكثر اتفاقاً مع النص الأعلى حتى لو كان هذا المعنى اقل ظهوراً .

-         عند تفسير النص يجب مراعاة المبادئ و النصوص الدستورية

-         عند انطلاق النص من مبادئ الشريعة الإسلامية يجب عدم اهدرا المبادئ الوارده في الدستور لأن الدستور لم يجعل الشريعة بمعنى الفقه الإسلامي المصدر الوحيد في التشريع

-         احكام الشريعة لا تكون واجبة التطبيق الا عندما يقررها المشرع كأحكام صريحة و محدده فلا تصلح بذاتها بدون تحديد تشريعي كأساس للتكليف كما لا تستطيع السلطات العامة تطبيقها بدون تحديد من المشرع

وقد رتبت المحكمة على واقع غموض النص و على المقدمات التى اوردتها نتيجة عملية فقررت ان الإحاله لأحكام الشريعة الإسلامية دون تحديد دقيق للأحكام التي يلزم على المكلفين  الإلتزام بها يجعل النص مجرد نص توجيهي لا يحمل على معنى الإلتزام. و تستطرد المحكمة لتأيد النتيجة التي خلصت إليها بالقول "أنه لا يتصور ان تكون ارادة المشرع قد اتجهت في اطار هذا النص  المجمل القائم إلى ترك القائمين على تطبيقه و تنفيذه بتقصى هذه القواعد و الأحكام غير المقننه، مما قد يؤدي  إليه ذلك من اضطراب و تناقض بين هذه القواعد و الأحكام بسبب اختلاف وجهات النظر الفقهية)

و نلاحظ أن المحكمة  في هذا الحكم قد حسمت حقها في تفسير نصوص القانون التي تشير لأحكام الشريعة فليست هي ملزمة بالفتاوى لان الحكم الشرعي واجب التطبيق هو ما يقرره المشرع وليس ما يقرره المفتي بل إن الإحاله لاحكام الشريعة مجردة غير محددة من قبل المشرع تجعل تنفيذ التشريع كتشريع مستحيله ، باعتبار امكان تعدد الفتاوى و التفسيرات في المسائل الفقهية ،و في هذه الحلة فإن المجكمة تتعامل مع نص القانون باعتباره نصأ توجيهيأ فحسب . و المحكمة تلتزم في هذا الحكم بما تقرره المذكرة التفسيرية للدستور و هي التعامل مع تعبير "الشريعة الإسلامية" في حدود الفقه الإسلامي لان اطلاق لفظ الشريعة بمعانيه المتعددة سوف يقود إلى اصطدام مع حرية الإعتقاد التى تقررها المادة 35 من الدستور .

ثالثاً : دستورية النص :-

بحث موضوع الدستورية مهم جداً بالنسبة للنص المشار إليه .نعم الحكم صدر عن المحكمة الدستورية بصفتها محكمة طعون انتخابية و لكن اعضاء هيئة المحكمة هم ذاتهم اعضاء المحكمة الدستورية ، و مما يزيد من أهمية بحث الموضوع ان احدى المطعون ضدها قد دفعت بعدم دستورية النص و المحكمة و قد تعاملت مع هذا الدفع قهي بعد ان اسبعدت المعنى الذي يتمسك به الطاعن و صرفت النص عن هذا التفسير –مخالفة المطعون ضدها لحكم الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من قانون الإنتخاب-قررت انه لا محل لبحث الدستورية.إذاً عدم بحث الدستورية مرتبط باستبعاد تفسير الطاعن و بمفهوم المخالفة فإن تفسير الطاعن إن تم اعتماده يقود إلى القول بعدم الدستورية و الفكرة السابقة قد تعاملت معها المحكمة في موضوعين :عندما قررت عدم قبول الدفع بعدم الدستورية بعد ان اوضحت الأسباب كما سلف ، و عندما ذكرت في الحيثيات  وجوب تقيد الحكم المقرر في القانون كي لا يأتي تفسيره مصطدماً مع ما كفله الدستور من حرية شخصية و حرية عقيدية و عدم جواز التمييز بين الناس في الحقوق و الواجبات بسبب الدين او الجنس.

و نحن نعتقد بأن النص المشار له قرر في الموضوع عددأ من المبادئ الدستورية على النحو التالي :
1) الحرية الشخصية : و هو امر قرره الدستور في المادة 30 فكل سلوك لم يوجبه القانون و لا يتعارض مع النظام العام يعتبر حرية شخصية . و الحجاب لم يوجبه القانون كما ان عدم ارتدائه لا يعتبر مخالفاً للنظام العام في الكويت و لذلك فإن حرمان من لا ترتدي الحجاب من الحقوق المقررة لغيرها بشكل اخلالا بحكم المادة 30 من الدستور .

2) المساواة: المركز القانوني في ممارسة حق الإنتخاب يرتبط بالمواطنة فالتميز بين المواطنين في مسأله لا تتصل بإعتبارات تنظيمية مرتبطة بطبيعة الإنتخاب يعتبراً تميزاً بين ذوي المراكز القانونية المتماثلة. و القانون في هذه الحاله قد ميز بين المواطن و المواطنه و هو تمييز لاصلة له بالاحتياجات التظيمية للانتخاب .

3)حرية الإعتقاد:الحجاب الزام لا يقرره القانون فأساسه الإعتقاد بوجوب الإلزام و هو اعتقاد ديني و لذلك فحرمان المرأة  من حق الإنتخاب على اساس اعتقادها او عدم اعتقادها مخل بحرية الإعتقاد و تزيد الصورة وضوحاً  بالنسبة للمواطنه "غير المسلمة" و نلاحظ بأن المشرع و هو لم يذكر الحجاب و لكنه ربط الحرمان من حق الإنتخاب و الترشيح بعدم الإعتداد بالأحكام المعتمدة بالشريعة الإسلامية ، إذاً هو ربط الحرمان ليس فقط بعدم الإلتزام بأحكام المعاملات و لكن أيضاً بأحكام الإعتقادات و العبادات و هذا كله يقود إلى الإصطدام  بحرية الإعتقاد التي كفلتها المادة 35 بشكل مطلق.

4) وجوب وضوح النص: يتجه القضاء المقارن لوجوب تحقيق النصوص التشريعية للأمن القانوني و من أهم عناصره وضوح التكليف الذي يلزم على المخاطب بالنص القيام به فبدون هذا الوضوح  سوف لن يأمن المكلف من الوقوع في مخالفة القانون حتى لو لم تتجه ارادته لهذه المخالفة. و نلاحظ ان المحكمة قد بحثت موضوع وضوح النص و لكنها ربطته بموضوع الدستورية  من باب وجوب تفسير النص غير الواضح في ضوء المبادئ الدستورية كي لا تقع المخالفة بين النص الأدنى و النص الأعلى. و نحن نعتقد من جانبنا أن هذا المنهج مطلوب عندما يكون النص قابلاً لوجه أخر من التفسير ، أما إذا كان ابهامه يقود إلى الحيرة في معناها، فهنا يلزم عرضه على الدستور من حيث اخلاله بما يتوجب في التشريع من وضوح التكليف و إلا فقد طبيعته كتشريع لعدم امكان الإلزام به، أما التوسع في تفسير النص بالمطلق فإنه  فإنه قد يقود إلى تحويل القاضي إلى مشرع . و بالرغم من قناعتنا بالرأي السابق إلا أننا نعتقد ان حاله النص المشار له خاصة فالمحكمة ذهبت إلى الحل الذي اخذت به تأسيساً على اعتبار آخر و هو الطبيعة الإعتقادية لأحكام الشريعة الإسلامية فهي قد قررت ان اي تطبيق لأحكام الشريعة يجب ان يأتي عبر تشريع محدد واضح فإن كانت الإشاره أو الإحالة قد تمت دون تحديد واضح فإن النص يفقد صفته كقانون مع ما يترتب على هذا الوصف من نتائج كي يتحول إلى حكم من  احكام الشريعة لم يجعله المشرع قانوناً فهوى يبقى حكماً من أحكام الشريعة فقط يلتزم به من يراه ملزماً . و في هذه الجزئية فإن محكمة الطعون  الإنتخابية تساير رأي المحكمة الدستورية إذ انها كمحكمة دستورية قد قررت في وقت سابق بأن احكام الشريعة الإسلامية بمعنى الفقه الإسلامي لا تكون ملزمة إلا عندما يقررها المشرع كتشريع أي يأتي مستخلصاً منها أحكام محددة يوردها كقانون يتضمنها ( الطعن 3/1992 بتاريخ 28/11/1992 ) .