إذا اعتبرنا ان استقلال الدولة هو ميلادها او ما يوازي ذلك ، فهي شخص اعتباري ، فان الميلاد يقتضي إشهار و تثبيت . و الدستور يقوم بجزء من هذه الوظيفة فهو اقرب الى شهادة الميلاد التي تصدر للإنسان بعد ولادته فتعلن عن هذه الواقعة و تتضمن عددا من البيانات المؤثرة في تحديد هوية الكائن الجديد . و لعل أهمية الدستور تتجاوز فكرة شهادة الميلاد ، مع أهميتها ، فالدولة كائن اعتباري كما الجمعيات و الشركات و الدستور هو النظام الأساسي الذي يبين وظائف هذا الكائن و كيفية قيامة بهذه الوظائف و التكاليف و حقوق و واجبات أعضاء الجمعية العمومية وهم في حالتنا الشعب. و الدستور القائم صدر في 11/ 11 /1962 و هو ثاني دستور تعرفه الكويت بعد الاستقلال و قد عرفت قبل الاستقلال عدد من التنظيمات الدستورية العرفية و المكتوبة ( الكويت ... من الكيان السياسي إلى الدولة ، مجلة العربي ،فبراير 2011 ). و دستور 1962 لم يعدل منذ صدوره مع ان الدستور لا يمنع تعديل أحكامه فهو يضع تنظيما للتعديل يبين إجراءات التعديل كما يقرر بعض الضوابط الموضوعية التي تحكم التعديل لحماية عدد من القيم و المبادئ التي يعتقد واضع الدستور إنها أساسية . و لعل القارئ يتساءل كيف صمد هذا الدستور في مواجهة التعديل خمسين عاما و هو امر نادر بالنسبة للدساتير ؟ نحن نعتقد ان التساؤل السابق مهم و مستحق و لكنه ليس الوحيد الذي يلفت نظر المراقب ، فإسلوب إعداد الدستور و محتوي هذا الدستور هي أيضا أمور تستحق وقفة و قد تساعد في فهم سبب صمود هذا الدستور أمام التعديل .
الأبحاث المنشورة
قراءة المزيد ←